للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومادت الأرض بعبد الله بن أنيس، لقد مات رسول الله، لقد أفلت شمس النبوة، فماذا يفعل الناس بعد رسول الله؟ وماذا عن الجهاد في سبيل الله؟ لقد جعل الرسول الجهاد عند عبد الله كالحياة، يجري حبه في عروقه مجرى الدم.

ودمعت عيناه، وحزن قلبه لفراق رسول الله، وعبر لسانه عما يجده لهذا الحادث الجلل:

تطاول ليلي واعترتني القوارع ... وخطب جليل للبلية جامع (١)

غداة نعى الناعي إلينا محمداً ... وتلك التي تستك منها المسامع

فلو رد ميتاً قتل نفسي قتلتها ... ولكنه لا يدفع الموت دافع

* *

[بعد النبي:]

وأهم عبد الله أمر المسلمين، واشتغل فكره في مصير الإسلام بعد رسول الله، ولم يذهب عنه همه إلا عندما فاء المسلمون إلى أبي بكر الصديق، فجعلوه إماماً بعد رسول الله، يخلفه في تدبير أمورهم، فيصرفها بما عرف عنه من حكمة وإخلاص. وقد اطمأن ابن أنيس لخلافة أبي بكر،


(١) الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد، الجزء الثاني القسم الثاني ص ٩٠ طبعة ليدن.
والقوارع: مفردها قارعة وهي النازلة الشديدة تنزل بأمر عظيم.
استكت مسامعه: اصابها الصمم فلم تعد تسمع.

<<  <   >  >>