للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنَاسِككُم)) (١) بل إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعمد مرّة أَن يُصَلِّي مرتفعاً ليراه أَصْحَابه؛ فقد ورد فِي الحَدِيث عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى على الْمِنْبَر وكبرَّ وَهُوَ عَلَيْهَا ثمَّ ركع وَهُوَ عَلَيْهَا ثمَّ نزل الْقَهْقَرَى فَسجدَ فِي أصل الْمِنْبَر، ثمَّ عَاد فَلَمَّا فرغ أقبل على النَّاس فَقَالَ: ((يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا صنعت هَذَا لتأتموا بِي ولتعلموا صَلَاتي)) رَوَاهُ البُخَارِيّ (٢) فِي مقَام آخر يتحدث أنس بن مَالك عَن وَاقعَة حصلت فِي الْمَدِينَة سبقهمْ لاجتلاء أمرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أنس رَضِي الله عَنهُ ((كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن النَّاس وَكَانَ أَجود النَّاس، وَكَانَ أَشْجَع النَّاس، وَلَقَد فزع أهل الْمَدِينَة ذَات لَيْلَة فَانْطَلق نَاس قِبَل الصَّوْت، فَتَلقاهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاجعا، وَقد سبقهمْ إِلَى الصَّوْت وَهُوَ على فرس لأبي طَلْحَة عُري ((أَي لَيْسَ عَلَيْهَا لجام)) وَفِي عُنُقه السَّيْف وَهُوَ يَقُول: لم تراعوا لم تراعوا)) (٣) هَكَذَا كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدوة فِي الشجَاعَة والإقدام وَفِي كل خير. وَكَثِيرًا مَا يحث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه على شَيْء ثمَّ يعلمهُمْ بِفِعْلِهِ فيقرن لَهُم القَوْل بِالْفِعْلِ، والأمثلة على ذَلِك كَثِيرَة فَمن ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حثَّ على تَعْجِيل الْفطر للصَّائِم فَقَالَ فِي حَدِيث سهل بن سعد ((لَا يزَال النَّاس بِخَير مَا عجلوا الْفطر)) مُتَّفق عَلَيْهِ (٤) ثمَّ ترَاهُ يطبق ذَلِك عملياً،


(١) أخرجه مُسلم (ك: الْحَج ب: بَاب اسْتِحْبَاب رمي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر (٢/٩٤٣) ح: ١٢٩٧.
(٢) صَحِيح البُخَارِيّ ك: الْجُمُعَة ب: الْخطْبَة على الْمِنْبَر. أنظر: فتح الْبَارِي (٢/٣٩٧) وَأخرجه مُسلم ك: الْمَسَاجِد ح: ٤٥.
(٣) أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه ك: الْجِهَاد ب: مبادرة الإِمَام عِنْد الْفَزع (فتح ٦/١٢٢ - ١٢٣) وَأخرجه مُسلم ك: الْفَضَائِل ب: فِي شجاعة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(٤/١٨٠٢) وَاللَّفْظ لمُسلم.
(٤) البُخَارِيّ ك: الصَّوْم ب: تَعْجِيل الْإِفْطَار (٤/١٩٨) بشرح الْفَتْح. وَمُسلم ك: الصّيام ب: فضل السّحُور واستحباب تَأْخِيره وتعجيل الْإِفْطَار (٢/٧٧١) .

<<  <   >  >>