للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأت، كقولك "الخُسران" من "خَسِرت"، و "الغُفْران" من "غفر الله لك"، و "الكُفران" من "كفرتُك"، "والفرقان" من "فَرَق الله بين الحق والباطل".

١١٧- وذلك أن يحيى بن عثمان بن صالح السهمي حدثني، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} يقول: بيَّناه، {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [سورة القيامة: ١٨] يقول: اعمل به (١) .

ومعنى قول ابن عباس هذا: فإذا بيَّناه بالقراءة، فاعمل بما بيناه لك بالقراءة. ومما يوضح صحة ما قلنا في تأويل حديث ابن عباس هذا، ما:-

١١٨- حدثني به محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [سورة القيامة: ١٧] قال: أن نُقرئك فلا تنسى {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} عليك {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} يقول: إذا تُلي عليك فاتَّبعْ ما فيه (٢) .

قال أبو جعفر: فقد صرَّح هذا الخبرُ عن ابن عباس: أنّ معنى "القرآن" عنده القراءة، فإنه مصدر من قول القائل: قَرأتُ، على ما بيَّناه.

وأما على قول قتادة، فإن الواجب أن يكون مصدرًا، من قول القائل: قرأتُ الشيء، إذا جمعتَهُ وضممتَ بعضه إلى بعض، كقولك: "ما قرأتْ هذه الناقةُ سَلًى قطُّ" (٣) تريد بذلك أنها لم تضمُمْ رحمًا على ولد، كما قال عَمرو بن كلثوم التغلبيّ:


(١) الأثر ١١٧- سيأتي في تفسير سورة القيامة: ١٧-١٨، وفي إسناده هناك خطأ، ذلك أنه قال: "حدثنا علي قال حدثنا أبو صالح.." وصوابه: "حدثنا يحيى قال حدثنا أبو صالح". وأبو صالح هو: عبد الله بن صالح المبين في إسنادنا هذا.
(٢) الأثر ١١٨- سيأتي أيضا في تفسير هذه الآية من سورة القيامة.
(٣) السلى: الجلدة الرقيقة التي يكون الولد في بطن أمه ملفوفًا فيها، وهو في الدواب والإبل: السلى، وفي الناس: المشيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>