للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) يقول: وقل أستجير بك ربِّ أن يحضرون في أموري.

كالذي حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) في شيء من أمري.

القول في تأويل قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠) }

يقول تعالى ذكره: حتى إذا جاء أحدَ هؤلاء المشركين الموتُ، وعاين نزول أمر الله به، قال:- لعظيم ما يعاين مما يَقْدم عليه من عذاب الله تندّما على ما فات، وتلهُّفا على ما فرط فيه قبل ذلك، من طاعة الله ومسألته للإقالة-: (رَبِّ ارْجِعُونِ) إلى الدنيا فردّوني إليها، (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا) يقول: كي أعمل صالحا فيما تركت قبل اليوم من العمل فضيعته، وفرّطت فيه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، قال: كان محمد بن كعب القرظي يقرأ علينا: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) قال محمد: إلى أيّ شيء يريد؟ إلى أيّ شيء يرغب؟ أجمع المال، أو غَرْس الغِراس، أو بَنْي بُنيان، أو شق أنهار؟ : (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) يقول الجبار: كلا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (رَبِّ ارْجِعُونِ) قال: هذه في الحياة الدنيا، ألا تراه يقول: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) قال: حين تنقطع الدنيا، ويعاين الآخرة، قبل أن يذوق الموت.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: "إذَا عايَنَ المُؤْمِنُ المَلائِكَةَ قالُوا: نُرْجِعُكَ إلى الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: إلى دار الهُمُومِ والأحْزَان؟ فَيَقُولُ: بَلْ قَدّمَانِي إلى الله، وأمَّا الكافِرُ فَيُقال: نُرْجِعُكَ؟ فَيَقُولُ: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) ... " الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>