للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ) قال: لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا، ولا يتساءلون، ولا يمتُّ إليه برحم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني محمد بن كثير، عن حفص بن المغيرة، عن قتادة، قال: ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعافه، مخافة أن يذوب له عليه شيء، ثم قرأ (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) .

قال: ثنا الحسن، قال: ثنا الحكم بن سنان، عن سدُوس صاحب السائريّ، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةِ، وأهْلُ النَّار النَّارَ، نادى مُنادٍ منْ أهْلِ العَرْشِ: يا أهْلَ التَّظالُمِ تَدَارَكُوا مَظالمكُمْ، وادْخُلوا الجنَّةَ.".

القول في تأويل قوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤) }

يقول تعالى ذكره: (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) موازين حسناته، وخفت موازين سيئاته (فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يعني: الخالدون في جنات النعيم (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) يقول ومن خفَّت موازين حسناته فرجَحَت بها موازين سيئاته (فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) يقول: غبنوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله (فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ) يقول: هم في نار جهنم.

وقوله: (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) يقول: تَسْفَع وُجوهَهم النارُ.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) قال: تنفح (وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ) والكلوح: أن تتقلص الشفتان عن الأسنان، حتى تبدو الأسنان، كما قال الأعشى:

وَلَهُ المُقْدَمُ لا مِثْلَ لَه ... ساعة الشِّدْق عَنِ النَّابِ كَلَحْ (١)


(١) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه ص ٢٤١ بشرح الدكتور محمد حسين، طبع القاهرة) . والرماية فيه في الحرب " إذا " في موضع " لا مثل له ". والمقدم بضم الميم مصدر بمعنى الإقدام. وكلح = الشدق: كشر عن الأنياب في عبوس.
يمدح إياس بن قبيصة الطائي، بأن من صفاته الإقدام في الحرب حين تكره الأبطال النزال، وتكشر أشداقهم عن أنيابهم، كرها للحرب، واستشهد به المؤلف هنا على أن معنى الكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان حتى تبدو الأسنان

<<  <  ج: ص:  >  >>