للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني تعالى ذكره بقوله: (وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا) ولكنا خلقنا أمما فأحدثناها من بعد ذلك (فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) وقوله: (وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) يقول: وما كنت مقيما في أهل مدين، يقال: ثويت بالمكان أثْوِي به ثَواء، قال أعشى ثعلبة:

أَثْوَى وَقَصَّرَ لَيْلَهُ لِيُزَوَّدُا ... فَمَضَى وَأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَةَ مَوْعِدَا (١)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) قال: الثاوي: المقيم (تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا) يقول: تقرأ عليهم كتابنا (وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) يقول: لم تشهد شيئا من ذلك يا محمد، ولكنا كنا نحن نفعل ذلك ونرسل الرسل.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦) }

يقول تعالى ذكره: وما كنت يا محمد بجانب الجبل إذ نادينا موسى بأن (سَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ) ... الآية.

كما حدثنا عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن عليّ بن مدرك، عن أبي زُرْعة، في قول الله: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا) قال: نادى يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني،


(١) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (اللسان: ثوى. والديوان طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص٢٢٧) . وهو من قصيدة قالها لكسرى حين أراد منهم رهائن لما أغار الحارث بن وعلة على بعض السواد. وفي البيت: ليلة ... فمضت. في موضع ليلة ... ومضى. وفي رواية مجاز القرآن لأبي عبيدة: فمضى ورواية الديوان أحسن، لقوله بعده: "ومضى لحاجته". قال شارح الديوان: ثوى وأثوى بمعنى واحد، أي أقام. وقصر: توانى. وأخلف فلانًا وجد موعده خلفًا (بكسر الخاء) أي مختلفًا يقول: عدل عن سفره، فأقام وتخلف ليلة ليتزود من قتيلة، فمضت الليلة، وأخلفته قتيلة الموعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>