للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنه قولهم:"مُحْسِنة فهيلى". وقول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:"آئِبُونَ تَائِبُونَ". وقوله:"جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ الله" كلّ ذلك بضمير رَفَعه. وقوله عزّ وجلّ (بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) يقول: تعدّى أحدنا على صاحبه بغير حقّ (فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ) يقول: فاقض بيننا بالعدل (وَلا تُشْطِطْ) : يقول: ولا تجُر، ولا تسرف في حكمك، بالميل منك مع أحدنا على صاحبه. وفيه لغتان: أشَطَّ، وشَطَّ. ومن الإشطاط قول الأحوص:

ألا يا لقَوْمٍ قدْ أشَطَّتْ عَوَاذِلِي ... وَيَزْعُمْنَ أنْ أودَى بحَقِّي باطِلي (١)

ومسموع من بعضهم: شَطَطْتَ عليّ في السَّوم. فأما في البعد فإن أكثر كلامهم: شَطَّتْ الدار، فهي تَشِطّ، كما قال الشاعر:

تَشِطُّ غَدًا دَارُ جِيرَانِنَا ... وللدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أبْعَدُ (٢)

وقوله (وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ) يقول: وأرشدنا إلى قصد الطريق المستقيم.

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله (وَلا تُشْطِطْ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلا تُشْطِطْ) : أي لا تمل.

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَلا تُشْطِطْ) يقول: لا تُحِف.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَلا تُشْطِطْ) تخالف عن الحقّ، وكالذي قلنا أيضا في قوله (وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ) قالوا.


(١) وهذا البيت للأحوص، وهو كسابقه مروي في اللسان:" شطط" وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة، شاهداً على أن معنى أشطت، بالهمز في أوله: أبعدت. وأودى بحقه: ذهب به وأهلكه.
(٢) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ٢١٣) عند قوله تعالى:" ولا تشطط" أي: لا تسرف. وأنشد" تشطط غدا دار جيراننا ... " البيت. ويقال: كلفتني شططا: منه وشطت الدار: بعدت. أهـ. وفي اللسان: (شطط) : وفي التنزيل" ولا تشطط". وقريء" ولا تشطط" بضم الطاء الأولى، وفتح التاء، ومعناها: لا تبعد عن الحق. أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>