للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى: {تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}

يقول تعالى ذكره: (تَنزيلُ الْكِتَابِ) الذي نزلناه عليك يا محمد (مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ) في انتقامه من أعدائه (الحَكِيمِ) في تدبيره خلقه، لا من غيره، فلا تكوننّ في شكّ من ذلك، ورفع قوله: (تَنزيلُ) بقوله: (مِنَ اللَّهِ) وتأويل الكلام: من الله العزيز الحكيم تنزيل الكتاب. وجائز رفعه بإضمار هذا، كما قيل: (سُورَةٌ أَنزلْنَاهَا) غير أن الرفع في قوله: (تَنزيلُ الْكِتَابِ) بما بعده، أحسن من رفع سورة بما بعدها، لأن تنزيل، وإن كان فعلا فإنه إلى المعرفة أقرب، إذ كان مضافا إلى معرفة، فحسن رفعه بما بعده، وليس ذلك بالحسن في"سُورَة"، لأنه نكرة.

وقوله: (إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنا أنزلنا إليك يا محمد الكتاب، يعني بالكتاب: القرآن (بِالْحَقِّ) يعني بالعدل، يقول: أنزلنا إليك هذا القرآن يأمر بالحقّ والعدل، ومن ذلك الحق والعدل أن تعبد الله مخلصا له الدين، لأن الدين له لا للأوثان التي لا تملك ضرا ولا نفعا.،

<<  <  ج: ص:  >  >>