للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنصارى الذين قالوا لكم:"كونوا هودًا أو نصارى تَهتدوا"-:"أتحاجوننا في الله"؟ يعني بقوله:"في الله"، في دين الله الذي أمَرَنا أن نَدينه به، وربنا وربكم واحدٌ عدلٌ لا يجور، وإنما يجازي العبادَ عَلى ما اكتسبوا. وتزعمون أنّكم أولى بالله منا، لقدم دينكم وكتابكم ونبيكم، ونحنُ مُخلصون له العبادةَ، لم نشرك به شَيئًا، وقد أشركتم في عبادتكم إياه، فعبد بعضكم العجلَ، وبعضكم المسيحَ، فأنَّى تكونون خيرًا منا، وأولى بالله منا؟ (١)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}

قال أبو جعفر: في قراءة ذلك وجهان. أحدهما:"أمْ تَقولون" ب"التاء". فمن قرأ كذلك، فتأويله: قل يا محمد -للقائلين لَك من اليهود والنصارى:"كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا"-: أتجادلوننا في الله، أم تقولون إن إبراهيم؟ فيكون ذلك معطوفًا على قوله:"أتحاجوننا في الله".

والوجه الآخر منهما:"أم يَقولون" ب"الياء". ومن قرأ ذلك كذلك وجّه قوله:"أم يقولون" إلى أنه استفهام مُستأنَف، كقوله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) [سورة السجدة: ٣] ، وكما يقال:"إنها لإبل أم شَاءٌ". (٢) وإنما جعله استفهامًا مستأنَفًا، لمجيء خبر مستأنف، كما يقال:"أتقوم أم يقوم أخوك؟ " فيصير قوله:"أم يقوم أخوك" خبرًا مستأنفًا لجملة ليست من الأول واستفهامًا


(١) في المطبوعة: "وأنى تكونوا خيرًا منا"، والصواب ما أثبت. "أنى" استفهام بمعنى: كيف.
(٢) انظر ما سلف في خبر"أم" ٢: ٤٩٢-٤٩٤، وهذا الجزء ٣: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>