للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) كما يقول أهل الشرك إذا كُسف القمر يقولون: هذا عمل السحرة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قوله (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) قال: حين انشق القمر بفلقتين: فلقة من وراء الجبل، وذهبت فلقة أخرى، فقال المشركون حين رأوا ذلك: سحر مستمرّ.

وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يوجه قوله (مُسْتَمِرٌّ) إلى أنه مستفعل من الإمرار من قولهم: قد مرّ الجبل: إذا صلب وقوي واشتدّ وأمررته أنا: إذا فتلته فتلا شديدا، ويقول: معنى قوله (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) : سحر شديد.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥) }

يقول تعالى ذكره: وكذّب هؤلاء المشركون من قريش بآيات الله بعد ما أتتهم حقيقتها، وعاينوا الدلالة على صحتها برؤيتهم القمر منفلقا فلقتين (وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ) يقول: وآثروا اتباع ما دعتهم إليه أهواء أنفسهم من تكذيب ذلك على التصديق بما قد أيقنوا صحته من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، وحقيقة ما جاءهم به من ربهم.

وقوله (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) يقول تعالى ذكره: وكلّ أمر من خير أو شرّ مستقر قراره، ومتناه نهايته، فالخير مستقرّ بأهله في الجنة، والشرّ مستقرّ بأهله في النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>