للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزفُونَ (١٩) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) }

يقول تعالى ذكره: جماعة من الأمم الماضية، وقليل من أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهم الآخرون وقيل لهم الآخرون: لأنهم آخر الأمم (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) يقول: فوق سُرر منسوجة، قد أدخل بعضها في بعض، كما يوضن حلق الدرع بعضها فوق بعض مضاعفة؛ ومنه قول الأعشى:

وَمِنْ نَسْج دَاوُدَ مَوْضُونَةً تُساقُ مَعَ الحَيّ عِيرًا فعِيْرًا (١)

ومنه وضين الناقة، وهو البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض


(١) وهذا البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه طبع القاهرة ٩٩) من قصيدة يمدح بها هوذة بن على الحفني. وقبل البيت: وأعْدَدْتَ للْحَرْبِ أوْزَارَها ... رِماحَا طِوَالا وَخَيْلا ذُكُورَا
وأوزار الحرب: عدتها، ودرع موضونة منسوج بعضها على بعض، وتساق مع الحي: تحمل. يقول: أعددت للحرب عدتها، من الرماح الطوال، والخيل الجياد والدروع الكثيفة التي نسجت نسجا مضاعفا، تحمل فوق الجمال، عيرا من ورائها عير. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ١٧٤ - ب) عند قوله تعالى "على سرر موضونة": بعضها على بعض، مداخلة كما توضن حلق الدرع بعضها في بعض مضاعفة. وقال الأعشى: " ومن نسج داود ... البيت ". والوضين: البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفا، كالحلق حلق الدروع، فهو وضين، وضع في موضع موضون، كما يقولون قتيل في موضع مقتول قال: *إليك تعدو قلقا وضينها *

<<  <  ج: ص:  >  >>