للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَافَ الخَيَالُ - وأَيْنَ مِنْكَ? - لِمَامَا ... فَارْجِعْ لزَوْرِكَ بالسَّلام سَلاما (١)

بمعنى طاف الخيال لمامًا، وأين هو منك؟ وكما قال جل ثناؤه في كتابه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا) [سورة الكهف: ١] بمعنى (٢) : الحمدُ لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيِّمًا ولم يجعل له عوجًا، وما أشبه ذلك. ففي ذلك دليل شاهدٌ على صحة قول من أنكر أن تكون - (بسم الله الرحمن الرحيم) من فاتحة الكتاب - آيةً (٣)

* * *

القول في تأويل قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .

قال أبو جعفر: القرَّاء مختلفون في تلاوة (ملك يَوْمِ الدِّينِ) . فبعضهم يتلوه " مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ "، وبعضهم يتلوه (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وبعضهم يتلوه (مالِكَ يَوْمِ الدِّينِ) بنصب الكاف. وقد استقصينا حكاية الرواية عمن رُوي عنه في ذلك قراءةٌ في " كتاب القراآت "، وأخبرنا بالذي نختار من القراءة فيه، والعلة الموجبة صحّة ما اخترنا من القراءة فيه، فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع، إذ كان الذي قَصَدْنا له، في كتابنا هذا، البيانَ عن وجوه تأويل آي القرآن، دون وجوه قراءتها.

ولا خلاف بين جميع أهل المعرفة بلغات العرب، أن المَلِك من "المُلْك"


(١) ديوانه: ٥٤١، والنقائض: ٣٨. طاف الخيال: ألم بك في الليل، واللمام: اللقاء اليسير. والزور: الزائر، يقال للواحد والمثنى والجمع: زور. "فارجع لزورك"، يقول: رد عليه السلام كما سلم عليك.
(٢) في المطبوعة: "المعنى: الحمد لله. . . "
(٣) وهكذا ذهب أبو جعفر رحمه الله إلى أن "بسم الله الرحمن الرحيم" ليست آية من الفاتحة، واحتج لقوله بما ترى. وليس هذا موضع بسط الخلاف فيه، والدلالة على خلاف ما قال ابن جرير.
وقد حققت هذه المسألة، أقمت الدلائل الصحاح -في نظري وفقهي- على أنها آية من الفاتحة -: في شرحي لسنن الترمذي ٢: ١٦ - ٢٥. وفي الإشارة إليه غنية هنا. أحمد محمد شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>