للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}

قال أبو جعفر: قد دللنا فيما مضى على تأويل قوله:"الله" (١) .

* * *

وأما تأويل قوله:"لا إله إلا هو" فإن معناه: النهي عن أن يعبد شيء غير الله الحي القيوم الذي صفته ما وصف به نفسه تعالى ذكره في هذه الآية. يقول:"الله" الذي له عبادة الخلق="الحي القيوم"، لا إله سواه، لا معبود سواه، يعني: ولا تعبدوا شيئا سوى الحي القيوم الذي لا يأخذه سِنة ولا نوم، (٢) والذي صفته ما وصف في هذه الآية.

* * *

وهذه الآية إبانة من الله تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله عما جاءت به أقوال المختلفين في البينات= (٣) من بعد الرسل الذين أخبرنا تعالى ذكره أنه فضل بعضهم على بعض= واختلفوا فيه، فاقتتلوا فيه كفرا به من بعض، وإيمانا به من بعض. فالحمد لله الذي هدانا للتصديق به، ووفقنا للإقرار.

* * *

وأما قوله:"الحي" فإنه يعني: الذي له الحياة الدائمة، والبقاء الذي لا أول له بحد، ولا آخر له بأمد، (٤) إذ كان كل ما سواه فإنه وإن كان حيا


(١) انظر تفسير"الله" فيما سلف ١: ١٢٢- ١٢٦.
(٢) في المطبوعة: "ولا تعبدوا شيئا سواه الحي القيوم"، والصواب من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "المختلفين في البينات"، بزيادة"في"، وهو خطأ مخل بالكلام، والصواب ما في المخطوطة، و"البينات"فاعل"جاءت به"، و"المختلفين"مفعوله. والجملة التي بين الخطين، معترضة، وقةله: بعد"واختلفوا فيه فاقتتلوا فيه ... "، عطف على قوله: "عما جاءت به ... ".
(٤) في المطبوعة: "لا أول له يحد" بالياء، فعلا، ثم جعل التي تليها"ولا آخر له يؤمد"، فأتى بفعل عجيب لا وجود له في العربية، وفي المخطوطة: "بحد" غير منقوطة وصواب قراءتها بباء الجر في أوله. وفيها"بأمد" كما أثبت، والأمد: الغاية التي ينتهى إليها. بقول: ليس له أول له حد يبدأ منه وليس له آخر له أمد ينتهى إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>