للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله:"الذين ينفقون أموالهم" إلى قوله:"ولا هم يحزنون"، هؤلاء أهلُ الجنة.

ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: المكثِرون هم الأسفلون. قالوا: يا نبيّ الله إلا مَنْ؟ قال: المكثرون هم الأسفلون، قالوا: يا نبيّ الله إلا مَنْ؟ قال: المكثرون هم الأسفلون. قالوا: يا نبيّ الله، إلا مَنْ؟ حتى خشوا أن تكون قد مَضَت فليس لها رَدّ، حتى قال:"إلا من قال بالمال هكذا وهكذا، عن يمينه وعن شماله، وهكذا بين يديه، وهكذا خلفه، وقليلٌ ما هُمْ [قال] : (١) هؤلاء قوم أنفقوا في سبيل الله التي افترض وارتضى، في غير سَرَف ولا إملاق ولا تَبذير ولا فَساد. (٢) .

* * *

وقد قيل إنّ هذه الآيات من قوله:"إن تُبدوا الصدقات فنعمَّا هي" إلى قوله:"ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، كان مما يُعملَ به قبل نزول ما في"سورة براءة" من تفصيل الزَّكوات، فلما نزلت"براءة"، قُصِروا عليها.

* ذكر من قال ذلك:

٦٢٣٤ - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"إن تبدوا الصدقات فنعمَّا هي" إلى قوله:"ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، فكان هذا يُعمل به قبل أن تنزل"براءة"، فلما نزلت"براءة" بفرائض الصَّدقات وتفصيلها انتهت الصّدَقاتُ إليها.

* * *


(١) ما بين القوسين، زيادة لا بد منها، فإن هذا الكلام الآتي ولا شك من كلام قتادة، وكذلك خرجه السيوطي في الدر المنثور ١: ٣٦٣ قال: "وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة. . . "، وساق هذا الشطر الآتي من هذا الأثر. وأما صدره، فهو خبر مرسل كسائر الأخبار السالفة.
(٢) قوله: "إملاق" هو من قولهم: "ملق الرجل ما معه ملقًا، وأملقه إملاقًا"، إذا أنفقه وأخرجه من يده ولم يحبسه وبذره تبذيرًا. والفقر تابع للإنفاق والتبذير، فاستعملوا لفظ السبب في موضع المسبب، فقالوا: "أملق الرجل إملاقًا"، إذا افتقر فهو"مملق" أي فقير لا شيء معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>