للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا}

قال أبو جعفر: يعني بذلك: أن الله جل ثناؤه تقبّل مريمَ من أمها حَنَّة، وتحريرَها إياها للكنيسة وخدمتها وخدمة ربها = (١) "بقبول حَسن".

* * *

"والقبول" مصدر من:"قبِلها ربُّها"، فأخرج المصدر على غير لفظ الفعل. ولو كانَ على لفظه لكان:"فتقبلها ربها تقبُّلا حسنًا". وقد تفعل العرب ذلك كثيرًا: أن يأتوا بالمصادر على أصول الأفعال، وإن اختلفت ألفاظها في الأفعال بالزيادة، وذلك كقولهم:"تكلم فلان كلامًا"، ولو أخرج المصدر على الفعل لقيل:"تكلم فلان تكلمًا". ومنه قوله:"وأنبتها نباتًا حسنًا"، ولم يقل: إنباتًا حسنًا. (٢)

وذكر عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: لم نسمع العرب تضم القاف في"قبول"، وكان القياس الضمّ، لأنه مصدر مثل:"الدُّخول، والخروج". قال: ولم أسمع بحرف آخر في كلام العرب يُشبهه.

٦٩٠٠ - حدثت بذلك عن أبي عبيد قال، أخبرني اليزيدي، عن أبي عمرو.

* * *

وأما قوله:"وأنبتها نباتًا حسنًا"، فإن معناه: وأنبتها رَبُّها في غذائه ورزْقه نباتًا حسنًا، حتى تمّت فكملت امرأةً بالغةً تامة، كما:-


(١) في المطبوعة: "بتحريرها"، وفي المخطوطة"تحريرها" بغير باء قبلها، وكأن الصواب"وتحريرها" كما أثبت، معطوفًا على"تقبل مريم".
(٢) انظر بيان ذلك فيما سلف ١: ١١٦، وقد عدد هناك شواهده / ثم ٥: ٥٣٣، ٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>