للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه. وذلك من التأويل دعوى بَاطلة (١) ، لا دلالة عليها من ظاهر ولا من خبرٍ تقوم بمثله الحجة فيسلم لها.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى ذكره: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ}

قال أبو جعفر: والصّيِّب الفَيْعِل من قولك: صَاب المطر يَصوب صَوبًا، إذا انحدَر وَنزَل، كما قال الشاعر:

فَلَسْتُ لإِنْسِيٍّ وَلَكِنْ لَمَلأَكٍ ... تَنَزَّلَ مِن جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ (٢)

وكما قال علقمة بن عَبَدَة:

كَأَنَّهمُ صَابَتْ عَلَيْهِمْ سَحَابَةٌ ... صَوَاعِقُهَا لِطَيْرِهِنَّ دَبِيبُ (٣)


(١) في المخطوطة"دعوى ناظر"، وصوابها"دعوى باطل" بالإضافة.
(٢) ينسب هذا البيت لعلقمة بن عبدة، وليس له، ولا هو في ديوانه. وسيأتي في تفسير آية سورة البقرة ٣٠ (١: ١٥٥ بولاق) ، وبغير هذه الرواية، وهو من أبيات سيبويه ١: ٣٧٩ وشرح شواهد الشافية: ٢٨٧، واللسان (ألك) وغيرها، غير منسوب. ويقال إنه لرجل من عبد القيس جاهلي يمدح النعمان. وحكى السيرافي أنه لأبي وجزة السعدي، يمدح عبد الله بن الزبير. وجاء في المخطوطة"ولكن ملأكًا". وقبل البيت: تعاليتَ أن تُعْزَى إلى الإنْس خَلَّةً، ... وَلِلإِنْسِ من يعزُوك، فهو كذوبُ
(٣) ديوانه: البيت الأول: ٣٤، والثاني قبله: ١٩، وشرح المفضليات: ٧٨٤، ٧٦٩، يمدح بها الحارث بن جبلة بن أبي شمر الغساني، وكان أسر أخاه شأسًا، فرحل إليه يطلب فكه. ويذكر في هذا البيت يوم عين أباغ، وفيه غزا الحارث الغساني، المنذر بن المنذر بن ماء السماء، فالتقوا بعين أباغ، فهزم جيش المنذر، وقتل المنذر يومئذ. وقوله"كأنهم" يعني جيش المنذر. وصاب المطر: انحدر وانصب. وكان وصف الجيش المنهزم في البيت الذي قبله، بين ساقط قد صرع، وبين قتيل قد هلك. فشبههم بطير أصابها المطر الغزير وأخذتها الصواعق، ففزعت، ولم تستطع أن تنهض فتطير، فهي تدب تطلب النجاة. والضمير في قوله: "لطيرهن" للصواعق، أي لطير الصواعق، وأراد الطير التي أفزعتها الصواعق، ولبدها المطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>