للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَّهَتْ عَيْنَيْهِ حَتَّى ابْيَضّتَا ... فَهْوَ يَلْحَى نَفْسَهُ لَمَّا نزعْ (١)

ومنه قول رؤبة:

هَرَّجْتُ فَارْتَدَّ ارْتِدَادَ الأكْمَهِ ... فِي غَائِلاتِ الحَائِرِ المُتَهْتِهِ (٢)

* * *

وإنما أخبر الله عز وجل عن عيسى صلوات الله عليه أنه يقول ذلك لبني إسرائيل، احتجاجًا منه بهذه العِبر والآيات عليهم في نبوته، وذلك أن: الكَمَه والبرص لا علاج لهما، فيقدرَ على إبرائه ذو طِبّ بعلاج، فكان ذلك من أدلته على صدق قيله: إنه لله رسول، لأنه من المعجزات، مع سائر الآيات التي أعطاه الله إياها دلالةً على نبوته.

* * *

فأما ما قال عكرمة من أن"الكمه"، العمش، وما قاله مجاهد: من أنه


(١) المفضليات: ٤٠٥، اللسان (كمه) في المطبوعة: {كِمِهَتْ عَيْنَاهُ} ، وهي رواية المفضليات وفيها"كمهت عيناه لما ابيضتا". والبيت من قصيدته الفذة. يذكر في هذه الأبيات التي قبل البيت، بعض عدوه، كان يريد سقاطه بعد احتناكه وشدته، وكيف تلقى العداوة عن آبائه، فسعى كما سعى آباؤه فلم يظفر من سويد بشيء، فضرب لنفسه مثلا بالصفاة التي لا ترام، فقال أن عدوه ظل: مُقْعِيًا يَرْدِي صَفَاةً لَمْ تُرَمْ ... فِي ذُرَى أَعْيَطَ وَعْرِ المُطَّلَعْ
مَعْقِلٌ يَأْمَنُ مَنْ كانَ بِهِ ... غَلَبَتْ مَنْ قَبْلَهُ أنْ تُقْتَلَعْ
غَلَبَتْ عَادًا وَمَنْ بَعْدَهُمْ ... فَأَبَتْ بَعْدُ، فَلَيْسَتْ تُتَّضَعْ
لاَ يَرَاها النَّاسُ إِلا فَوْقَهُمْ ... فَهْيَ تَأْتِي كَيْفَ شَاءَتْ وَتَدَعْ
وَهْوَ يَرْمِيهَا، وَلَنْ يَبْلُغَها، ... رِعَةَ الجَاهِلِ يَرْضَى ما صَنَعْ
كَمِهَتْ عَيْنَاهُ. . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يقول: عمي من شدة ما يلقى، أو أعمته هي بشدتها. فلما كف عنها ونزع، ظل يلوم نفسه على تعرضه لها.
(٢) ديوانه: ١٦٦، واللسان (كمه) (هرج) (تهته) وجاز القرآن ١: ٩٣، وسيرة ابن هشام ٢: ٢٣٠، من قصيدة يذكر فيها نفسه وأيامه، وقد سلفت منها أبيات كثيرة، يذكر قبله خصما له قد بالغ في ضلاله، فرده وزجره، "هرج بالسبع": صاح به وزجره. و"الغائلات": التي تغوله وتهلكه. و"المتهته": الذي تهته في الأباطيل. أي تردد فيها. ورواية الديوان"في غائلات الخائب.."، وهي قريب من قريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>