للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد بينا فيما مضى معنى"الضلال" بما فيه الكفاية. (١)

* * *

القول في تأويل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٩١) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه"إنّ الذين كفروا"، أي: جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يصدقوا به وبما جاء به من عند الله من أهل كل ملة، يهودها ونصاراها ومجوسها وغيرهم ="وماتوا وهم كفار"، يعني: وماتوا على ذلك من جحود نبوته وجحود ما جاء به ="فلن يُقبل من أحدهم ملءُ الأرض ذَهبًا ولو افتدى به"، يقول: فلن يقبل ممن كان بهذه الصفة في الآخرة جَزَاءٌ ولا رِشْوةٌ على ترك عقوبته على كفره، ولا جُعْلٌ على العفو عنه، (٢) ولو كان له من الذهب قدرُ ما يملأ الأرضَ من مشرقها إلى مغربها، فرَشَا وَجزَى على ترك عقوبته وفي العفو عنه على كفره عوضًا مما الله مُحلٌّ به من عذابه. لأنّ الرُّشا إنما يقبلها من كان ذَا حاجة إلى ما رُشى. فأما من له الدنيا والآخرة، فكيف يقبل


(١) انظر ما سلف ١: ١٨٩-١٩٦ / ٢: ٤٩٦، ٤٩٧ / ٦: ٦٦.
(٢) "الجزاء" هنا: البدل والكفارة. و"الجعل" (بضم الجيم وسكون العين) : الأجر على الشيء. يقول: لا يقبل منه أجر يدفعه على شريطة العفو عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>