للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَقدم من نظائره، من زيادة معنى فعيل على فاعل في المدح والذم (١) .

* * *

القول في تأويل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}

قال أبو جعفر: فأمرَ جل ثناؤه الفريقين - اللذين أخبرَ الله عن أحدهما أنه سواءٌ عليهم أأنذروا أم لم يُنذروا أنهم لا يؤمنون (٢) ، لطبْعِه على قلوبهم وعلى سمعهم (٣) ، وعن الآخرِ أنه يُخادع اللهَ والذين آمنوا بما يبدي بلسانه من قيله: آمنّا بالله وباليوم الآخر، مع استبطانه خلافَ ذلك، ومرض قلبه، وشكّه في حقيقة ما يُبدي من ذلك; وغيرهم من سائر خلقه المكلَّفين - بالاستكانة، والخضوع له بالطاعة، وإفراد الربوبية له والعبادة دون الأوثان والأصنام والآلهة. لأنه جلّ ذكره هو خالقهم وخالقُ مَنْ قبلهم من آبائهم وأجدادهم، وخالقُ أصنامهم وأوثانهم وآلهتهم. فقال لهم جل ذكره: فالذي خلقكم وخلق آباءكم وأجدادَكم وسائرَ الخلق غيرَكم، وهو يقدرُ على ضرّكم ونَفعكم - أولى بالطاعة ممن لا يقدر لكم على نَفع ولا ضرّ (٤) .

وكان ابن عباس: فيما رُوي لنا عنه، يقول في ذلك نظيرَ ما قلنا فيه، غير أنه ذُكر عنه أنه كان يقول في معنى"اعبُدوا ربكم": وحِّدوا ربكم. وقد دللنا -فيما مضى من كتابنا هذا- على أن معنى العبادة: الخضوعُ لله بالطاعة،


(١) انظر تفسير قوله تعالى: "الرحيم"، فيما مضى: ص ١٢٦.
(٢) في المخطوطة: "أأنذرتهم أم لم تنذرهم"، وهما سواء في المعنى.
(٣) في المطبوعة: ". . وعلى سمعهم وأبصارهم"، والصواب حذف"وأبصارهم"، لأنها غير داخلة في معنى الطبع، كما مضى في تفسير الآية.
(٤) في المخطوطة: "على ضرر ولا نفع"، وهما سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>