للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره:"قد خلت من قبلكم سنن"، مضت وسلفت منى فيمن كان قبلكم، (١) يا معشر أصحاب محمد وأهل الإيمان به، من نحو قوم عاد وثمود وقوم هود وقوم لوط، وغيرهم من سُلاف الأمم قبلكم (٢) = "سنن"، يعني: مثُلات سيرَ بها فيهم وفيمن كذَّبوا به من أنبيائهم الذين أرسلوا إليهم، بإمهالي أهلَ التكذيب بهم، واستدراجي إياهم، حتى بلغ الكتاب فيهم أجله الذي أجَّلته لإدالة أنبيائهم وأهل الإيمان بهم عليهم، ثم أحللت بهم عقوبتي، وأنزلتُ بساحتهم نِقَمي، (٣) فتركتهم لمن بعدهم أمثالا وعبرًا ="فسيروا في الأرض فانظروا كيف كانَ عاقبه المكذبين"، يقول: فسيروا - أيها الظانّون، أنّ إدالتي مَنْ أدلت من أهل الشرك يوم أحُد على محمد وأصحابه، لغير استدراج مني لمن أشرك بي، وكفرَ برسلي، وخالف أمري - في ديار الأمم الذين كانوا قبلكم، ممن كان على مثل الذي عليه هؤلاء المكذبون برسولي والجاحدون وحدانيتي، فانظروا كيف كان عاقبة تكذيبهم أنبيائي، وما الذي آل إليه غِبُّ خلافهم أمري، (٤) وإنكارهم وحدانيتي، فتعلموا عند ذلك أنّ إدالتي من أدلت من المشركين على نبيي محمد وأصحابه بأحد، إنما هي استدراج وإمهال ليبلغ الكتاب أجله الذي أجلت لهم.


(١) انظر تفسير"خلا" فيما سلف ٣: ١٠٠، ١٢٨ / ٤: ٢٨٩.
(٢) "سلاف" على وزن"جهال" جمع"سلف"، وجمعه أيضًا"أسلاف"، والسلاف: المتقدمون من الآباء الذين مضوا.
(٣) في المطبوعة: "نقمتي"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) في المطبوعة: "عن خلافهم أمري"، وهي في المخطوطة"عب" غير منقوطة، فلم يحسن الناشر قراءتها، وغب الأمر: عاقبته وآخرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>