للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في كذبهم على الله وافترائهم على ربهم وتكذيبهم محمدًا صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمونه صادقًا محقًّا، وجحودهم نبوَّته وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في عهد الله تعالى إليهم أنه رسوله إلى خلقه، مفروضة طاعته (١) إلا كمن مضى من أسلافهم الذين كانوا يقتلون أنبياء الله بعد قطع الله عذرهم بالحجج التي أيدهم الله بها، والأدلة التي أبان صدقهم بها، افتراء على الله، واستخفافًا بحقوقه.

* * *

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤) }

قال أبو جعفر: وهذا تعزية من الله جل ثناؤه نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم على الأذى الذي كان يناله من اليهود وأهل الشرك بالله من سائر أهل الملل. يقول الله تعالى له: لا يحزنك، يا محمد، كذب هؤلاء الذين قالوا:"إن الله فقير"، وقالوا:"إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار"، وافتراؤهم على ربهم اغترارًا بإمهال الله إياهم، ولا يَعظمن عليك تكذيبهم إياك، وادعاؤهم الأباطيل من عهود الله إليهم، فإنهم إن فعلوا ذلك بك فكذبوك وكذبوا على الله، فقد كذَّبت أسلافهم من رسل الله قبلك من جاءهم بالحجج القاطعة العذرَ، والأدلة الباهرة العقلَ، والآيات المعجزة الخلقَ، وذلك هو البينات. (٢)

* * *

وأما"الزبر" فإنه جمع"زبور"، وهو الكتاب، وكل كتاب فهو:"زبور"، ومنه قول امرئ القيس:


(١) في المطبوعة: "لن يفروا أن يكونوا في كذبهم على الله"، وفي المخطوطة: "لن يقروا" ولا معنى لهما، وصوابهما ما أثبت. وسياق العبارة: "لن يعدوا أن يكونوا في كذبهم. . . إلا كمن مضى من أسلافهم".
(٢) انظر تفسير"البينات" فيما سلف ٢: ٣١٨، ٣٥٥ / ٣: ٢٤٩ / ٤: ٢٥٩ / ٥: ٣٧٩، وغيرها من المواضع في فهارس اللغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>