للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الله يسيرًا، لأنه لا يقدر من أراد ذلك به على الامتناع منه، ولا له أحد يمنعه منه، ولا يستصعب عليه ما أراد فعله به من ذلك، وكان ذلك على الله يسيرًا، لأن الخلق خلقُه، والأمرَ أمرُه.

* * *

القول في تأويل قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧٠) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"يا أيها الناس"، مشركي العرب، وسائرَ أصناف الكفر="قد جاءكم الرسول"، يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم، قد جاءكم="بالحق من ربكم"، يقول: بالإسلام الذي ارتضاه الله لعباده دينًا، يقول:="من ربكم"، يعني: من عند ربكم (١) ="فآمنوا خيرًا لكم"، يقول: فصدِّقوه وصدّقوا بما جاءكم به من عند ربكم من الدين، فإن الإيمان بذلك خير لكم من الكفر به="وإن تكفروا"، يقول: وإن تجحدوا رسالتَه وتكذّبوا به وبما جاءكم به من عند ربكم، فإن جحودكم ذلك وتكذيبكم به، لن يضرَّ غيركم، وإنما مكروهُ ذلك عائدٌ عليكم، دون الذي أمركم بالذي بعث به إليكم رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، (٢) وذلك أن لله ما في السموات والأرض، ملكًا وخلقًا، لا ينقص كفركم بما كفرتم به من أمره، وعصيانكم إياه فيما عصيتموه فيه، من ملكه وسلطانه شيئًا (٣) ="وكان الله عليمًا حكيمًا"، يقول:"وكان الله عليمًا"، بما


(١) انظر تفسير"من ربكم" بمثله، فيما سلف ٦: ٤٤٠.
(٢) في المطبوعة: "دون الله الذي أمركم ... "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) السياق: لا ينقص كفركم ... من ملكه وسلطانه شيئًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>