للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) }

قال أبو جعفر: وهذا تسلية من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتعزيةٌ له عما ناله من المساءة بتكذيب قومه إيّاه على ما جاءهم به من الحق من عند الله.

يقول تعالى ذكره: إن يكذبك، يا محمد، هؤلاء المشركون من قومك، فيجحدوا نبوّتك، وينكروا آيات الله أنّها من عنده، فلا يحزنك ذلك، واصبر على تكذيبهم إياك وما تلقى منهم من المكروه في ذات الله، حتى يأتي نصر الله، (١) فقد كُذبت رسلٌ من قبلك أرسلتهم إلى أممهم، فنالوهم بمكروه، فصبروا على تكذيب قومهم إياهم، ولم يثنهم ذلك من المضيّ لأمر الله الذي أمرهم به من دعاء قومهم إليه، حتى حكم الله بينهم وبينهم ="ولا مبدّل لكلمات الله"، يقول: ولا مغيِّر لكلمات الله = و"كلماته" تعالى ذكره: ما أنزل الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، من وعده إياه النصر على من خَالفه وضادّه، والظفرَ على من تولّى عنه وأدبر ="ولقد جاءك من نبإ المرسلين"، يقول: ولقد جاءك يا محمد، من خبر من كان قبلك من الرسل، (٢) وخبر أممهم، وما صنعتُ بهم = حين جحدوا آياتي وتمادَوا في غيهم وضلالهم = أنباء = وترك ذكر"أنباء"، لدلالة"مِنْ" عليها.

يقول تعالى ذكره: فانتظر أنت أيضًا من النصرة والظفر مثل الذي كان منِّي فيمن


(١) إذ في المخطوطة: "حتى أتاهم نصر الله"، وهو سهو من الناسخ، صوابه ما في المطبوعة.
(٢) انظر تفسير"النبأ" فيما سلف ص: ٢٦٢، تعليق: ٣، والمراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>