للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمستجيرين بشيء غير الله في حال شدة الهول النازل بكم من آلهة ووثن وصنم، بل تدعون هناك ربّكم الذي خلقكم، وبه تستغيثون، وإليه تفزعون، دون كل شيء غيره ="فيكشف ما تدعون إليه"، يقول: فيفرِّج عنكم عند استغاثتكم به وتضرعكم إليه، عظيم البلاء النازل بكم إن شاء أن يفرج ذلك عنكم، لأنه القادر على كل شيء، ومالك كل شيء، دون ما تدعونه إلهًا من الأوثان والأصنام ="وتنسون ما تشركون"، يقول: وتنسون حين يأتيكم عذاب الله أو تأتيكم الساعة بأهوالها، ما تشركونه مع الله في عبادتكم إياه، فتجعلونه له ندًّا من وثن وَصنم، وغير ذلك مما تعبدونه من دونه وتدعونه إلهًا.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: = متوعدًا لهؤلاء العادلين به الأصنامَ = ومحذِّرَهم أن يسلك بهم إن هم تمادَوا في ضلالهم سبيلَ من سلك سبيلهم من الأمم قبلهم، في تعجيل الله عقوبته لهم في الدنيا = ومخبرًا نبيَّه عن سنته في الذين خلوا قبلهم من الأمم على منهاجهم في تكذيب الرسل =:"لقد أرسلنا"، يا محمد،"إلى أمم"، يعني: إلى جماعات وقرون (١) ="من قبلك فأخذناهم بالبأساء"، يقول: فأمرناهم ونهيناهم، فكذبوا رسلنا، وخالفوا أمرنا ونهينا، فامتحناهم بالابتلاء ="بالبأساء"، وهي شدة الفقر والضيق في المعيشة (٢) ="والضراء"، وهي


(١) انظر تفسير"أمة" فيما سلف ص: ٣٤٤، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"البأساء فيما سلف ٣: ٣٤٩ - ٢٥٢/ ٤: ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>