للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قل لهؤلاء المنكرين نبوّتك: لستُ أقول لكم إنّي الرب الذي له خزائنُ السماوات والأرض، وأعلم غيوب الأشياء الخفية التي لا يعلمها إلا الرب الذي لا يخفى عليه شيء، (١) فتكذبوني فيما أقول من ذلك، لأنه لا ينبغي أن يكون ربًّا إلا من له ملك كل شيء، وبيده كل شيء، ومن لا يخفى عليه خافية، وذلك هو الله الذي لا إله غيره ="ولا أقول لكم إني ملك"، لأنه لا ينبغي لملك أن يكون ظاهرًا بصورته لأبصار البشر في الدنيا، فتجحدوا ما أقول لكم من ذلك (٢) ="إن أتبع إلا ما يوحى إليّ"، يقول: قل لهم: ما أتبع فيما أقول لكم وأدعوكم إليه، إلا وحي الله الذي يوحيه إليّ، وتنزيله الذي ينزله عليّ، (٣) فأمضي لوحيه وأئتمر لأمره، (٤) وقد أتيتكم بالحجج القاطعة من الله عذركم على صحة قولي في ذلك، وليس الذي أقول من ذلك بمنكر في عقولكم ولا مستحيل كونه، بل ذلك مع وجود البرهان على حقيقته هو الحكمة البالغة، فما وجه إنكاركم ذلك؟

وذلك تنبيه من الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم على موضع حُجته على منكري نبوّته من مشركي قومه.

="قل هل يستوي الأعمى والبصير"، يقول تعالى ذكره: قل، يا محمد،


(١) انظر تفسير"الغيب" فيما سلف: ٢٣٨، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"ملك" فيما سلف ١: ٤٤٤ - ٤٤٧/٤: ٢٦٢، ٢٦٣.
(٣) انظر تفسير"الوحي" فيما سلف: ٢٩٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٤) في المطبوعة: "وأمر لأمره"، والصواب من المخطوطة، ولم يحسن قراءتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>