للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"فلما أفلت"، يقول: فلما غابت، (١) قال إبراهيم لقومه ="يا قوم إنّي بريء مما تشركون"، أي: من عبادة الآلهة والأصنام ودعائه إلهًا مع الله تعالى ذكره. (٢)

* * *

القول في تأويل قوله: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) }

قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن خليله إبراهيم عليه السلام: أنه لما تبيّن له الحق وعرَفه، شهد شهادةَ الحقّ، وأظهر خلاف قومِه أهلِ الباطل وأهلِ الشرك بالله، ولم يأخذه في الله لومة لائم، ولم يستوحش من قِيل الحقِّ والثبات عليه، مع خلاف جميع قومه لقوله، وإنكارهم إياه عليه، وقال لهم:"يا قوم إنّي بريء مما تشركون" مع الله الذي خلقني وخلقكم في عبادته من آلهتكم وأصنامكم، (٣) إني وجهت وجهي في عبادتي إلى الذي خلق السماوات والأرض، الدائم الذي يبقى ولا يفنى، ويُحْيي ويميت = لا إلى الذي يفنى ولا يبقى، ويزول ولا يدوم، ولا يضر ولا ينفع.

ثم أخبرهم تعالى ذكره: أن توجيهه وجهه لعبادته، بإخلاص العبادة له، والاستقامة في ذلك لربه على ما يحبُّ من التوحيد، لا على الوجه الذي يوجَّه له وَجْهه من ليس بحنيف، ولكنه به مشرك، (٤) إذ كان توجيه الوجه على غير التحنُّف غير نافع موجِّهه، (٥) بل ضارّه ومهلكه ="وما أنا من المشركين"،


(١) انظر تفسير"أفل" و"بزغ" فيما سلف قريبًا.
(٢) انظر تفسير"برئ" فيما سلف ص: ٢٩٣.
(٣) انظر تفسير"فطر" فيما سلف ص: ٢٨٣، ٢٨٤.
(٤) انظر تفسير"الحنيف" فيما سلف ٣: ١٠٤ - ١٠٨، ٦ ٤٩٤، ٩: ٢٥٠.
(٥) في المطبوعة: "إذا كان توجيه الوجه لا على التحنيف"، وفي المخطوطة: ". . . توجيه الوجه على التحنف"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>