للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكره في هذا الموضع، هو الشرك. (١)

* * *

وأما قوله:"أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"، فإنه يعني: هؤلاء الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشرك ="لهم الأمن" يوم القيامة من عذاب الله ="وهم مهتدون"، يقول: وهم المصيبون سبيل الرشاد، والسالكون طريق النجاة. (٢)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) }

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وتلك حجتنا"، قولَ إبراهيم لمخاصميه من قومه المشركين:"أي الفريقين أحق بالأمن"، أمن يعبد ربًّا واحدًا مخلصًا له الدين والعبادة، أم من يعبد أربابًا كثيرة؟ وإجابتهم إياه بقولهم:"بل من يعبد ربًّا واحدًا أحق بالأمن"، وقضاؤهم له على أنفسهم، فكان في ذلك قطع عذرهم وانقطاع حجتهم، واستعلاء حجة إبراهيم عليهم. (٣) فهي الحجة


(١) انظر الآثار السالفة رقم: ١٣٤٧٦ - ١٣٤٨٠، ١٣٤٨٣.
(٢) انظر تفسير"الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدي) .
(٣) الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق، ولو كان من عند غير الله لوجد الناس فيه اختلافًا كثيرًا. ورحم الله أبا جعفر وغفر له ما أخطأ، وأبو جعفر على جلالة قدره، وحفظه وضبطه وعنايته، قد تناقض وأوقع في كلامه اختلافًا كبيرًا. فإنه في ص: ٤٩٤، قد رجح أن الصواب في قوله تعالى ذكره: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، أنه خبر من الله تعالى ذكره عن أول الفريقين بالأمن، وفصل قضاء منه بين إبراهيم وقومه. ثم قال: "وذلك أن ذلك لو كان من قول قوم إبراهيم الذين كانوا يعبدون الأوثان ويشركونها في عبادة الله، لكانوا قد أقروا بالتوحيد، واتبعوا إبراهيم على ما كانوا يخالفونه فيه من التوحيد، ولكنه كما ذكرت من تأويله بديًّا". ثم عاد هنا بعد بضع صفحات، ففسر هذه الآية، وزعم أن ذلك من إجابة قوم إبراهيم لإبراهيم، وهو القول الذي نقضه!! وهذا تناقض بين، ولكنه يأتي في كتب العلماء، حجة من الله على خلقه أنهم لا عصمة لهم في شيء، وأن العصمة لله وحده سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>