للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا محمد، تخبرنا أن موسى كان معه عصًا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، وتخبرنا أنّ عيسى كان يحيي الموتى، وتخبرنا أن ثَمُود كانت لهم ناقة، فأتنا بشيء من الآيات حتى نصدقك! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيَّ شيء تحبُّون أن آتيكم به؟ قالوا: تجعَلُ لنا الصَّفَا ذهبًا. فقال لهم: فإن فعلت تصدقوني؟ قالوا: نعم والله، لئن فعلت لنتبعنّك أجمعين! (١) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، فجاءه جبريل عليه السلام فقال له: لك ما شئت، (٢) إن شئتَ أصبح ذهبًا، ولئن أرسل آيةً فلم يصدقوا عند ذلك لنعذبنَّهم، وإن شئت فأنْدِحْهُم حتى يتوب تائبهم. (٣) فقال: بل يتوب تائبهم. فأنزل الله تعالى: (وأقسموا بالله) إلى قوله: (يجهلون) .

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ}

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في المخاطبين بقوله: (وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) .

فقال بعضهم: خوطب بقوله: (وما يشعركم) المشركون المقسمون بالله،


(١) في المطبوعة: ((أجمعون)) ، والصواب من المخطوطة.
(٢) في المطبوعة أسقط ((له)) ، وهي في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: ((فاتركهم حتى يتوب تائبهم)) ، وفي المخطوطة: ((ما نرحهم)) ، غير منقوطة، ورجحت أن صواب ما أثبت، وإن كنت لم أجد هذا الحرف في كتب اللغة، وهو عندي من قولهم: ((ندحت الشيء ندحا)) ، إذ أوسعته وأفسحته، ومنه قيل: ((إن لك في هذا الأمر ندحة)) (بضم النون وفتحها وسكون الدال) و ((مندوحة)) ، أي: سعة وفسحة. فقولهم: ((أندحهم)) ، أي: أفسح لهم، واجعل لهم مندوحة في هذا الأمر حتى يتوب تائبهم. وهو حق المعنى إن شاء الله، والقياس يعين عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>