للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَمَا لَكُمْ أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}

قال أبو جعفر: اختلف أهل العلم بكلام العرب في تأويل قوله: (وما لكم أن لا تأكلوا) .

فقال بعض نحويي البصريين: معنى ذلك: وأي شيء لكم في أن لا تأكلوا. قال: وذلك نظير قوله: (وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ) ، [سورة البقرة: ٢٤٦] . يقول: أيّ شيء لنا في ترك القتال؟ قال: ولو كانت"لا"، زائدة لا يقع الفعل. (١) ولو كانت في معنى:"وما لنا وكذا"، لكانت: وما لنا وأن لا نقاتل.

* * *

وقال غيره: إنما دخلت"لا" للمنع، لأن تأويل"ما لك"، و"ما منعك" واحد."ما منعك لا تفعل ذلك"، و"ما لك لا تفعل"، واحد. فلذلك دخلت"لا". قال: وهذا الموضع تكون فيه"لا"، وتكون فيه"أنْ"، مثل قوله: (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) ، [سورة النساء: ١٧٦] ، و"أن لا تضلوا"، يمنعكم من الضلال بالبيان. (٢)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي، قولُ من قال: معنى قوله: (وما لكم) ، في هذا الموضع: وأيُّ شيء يمنعكم أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه؟ وذلك أنّ الله تعالى ذكره تقدّم إلى المؤمنين بتحليل ما ذكر اسم الله عليه، وإباحة أكل ما ذبح بدينه أو دين من كان يدين ببعض شرائع كتبه


(١) قوله: ((لا يقع الفعل)) ، أي لا يتعدى، ((الوقوع)) ، التعدي.
(٢) استوفى أبو جعفر بحث هذا فيما سلف ٥: ٣٠٠ - ٣٠٥، والفراء في معاني القرآن ١: ١٦٣ - ١٦٦، ولم يشر إلى ذلك أبو جعفر كعادته فيما سلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>