للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (١٣٣) }

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه:"وربك"، يا محمد، الذي أمر عباده بما أمرهم به، ونهاهم عما نهاهم عنه، وأثابهم على الطاعة، وعاقبهم على المعصية="الغني"، عن عباده الذين أمرهم بما أمر، ونهاهم عما نهى، وعن أعمالهم وعبادتهم إياه، وهم المحتاجون إليه، لأنه بيده حياتهم ومماتهم، وأرزاقهم وأقواتهم، ونفعهم وضرهم. (١) يقول عز ذكره: فلم أخلقهم، يا محمد، ولم آمرهم بما أمرتهم به، وأنههم عما نهيتهم عنه، لحاجةٍ لي إليهم، ولا إلى أعمالهم، ولكن لأتفضَّل عليهم برحمتي، وأثيبهم على إحسانهم إن أحسنوا، فإني ذو الرَّأفة والرحمة. (٢)

* * *

وأما قوله: (إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء) ، فإنه يقول: إن يشأ ربُّك، يا محمد، الذي خلق خلقه لغير حاجة منه إليهم وإلى طاعتهم إياه = (يذهبكم) ، يقول: يهلك خلقه هؤلاء الذين خلقهم من ولد آدم (٣) = (ويستخلف من بعدكم ما يشاء) ، يقول: ويأت بخلق غيركم وأمم سواكم، يخلفونكم في الأرض ="من بعدكم"، يعني: من بعد فنائكم وهلاككم = (كما أنشأكم من ذريَّة قوم آخرين) ، كما أحدثكم وابتدعكم من بعد خلق آخرين كانوا قبلَكم.

* * *


(١) انظر تفسير ((الغنى)) فيما سلف ٥: ٥٢١، ٥٧٠ / ٩: ٢٩٦.
(٢) انظر تفسير ((الرحمة)) فيما سلف من فهارس اللغة (رحم) .
(٣) انظر تفسير ((الإذهاب)) فيما سلف ٩: ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>