للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (٣٣) }

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: إنما حرم ربي الفواحش والشرك به، أن تعبدوا مع الله إلهًا غيره = (ما لم ينزل به سلطانًا) ، يقول: حرم ربكم عليكم أن تجعلوا معه في عبادته شِرْكًا لشيء لم يجعل لكم في إشراككم إياه في عبادته حجة ولا برهانًا، وهو"السلطان" (١) = (وأن تقولوا على الله ما لا تعملون) ، يقول: وأن تقولوا إن الله أمركم بالتعرِّي والتجرُّد للطواف بالبيت، وحرم عليكم أكل هذه الأنعام التي حرمتموها وسيَّبتموها وجعلتموها وصائل وحوامي، وغير ذلك مما لا تعلمون أن الله حرّمه، أو أمر به، أو أباحه، فتضيفوا إلى الله تحريمه وحَظْره والأمر به، فإن ذلك هو الذي حرمه الله عليكم دون ما تزعمون أن الله حرمه، أو تقولون إن الله أمركم به، جهلا منكم بحقيقة ما تقولون وتضيفونه إلى الله.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره تهدُّدًا للمشركين الذين أخبر جل ثناؤه عنهم أنهم كانوا إذا فعلوا فاحشة قالوا:"وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها" (٢) = ووعيدًا منه لهم على كذبهم عليه، وعلى إصرارهم على الشرك به والمقام على كفرهم = ومذكرًا لهم ما أحلّ بأمثالهم من الأمم الذين كانوا قبلهم=: (ولكل أمة أجل) ،


(١) انظر تفسير ((السلطان)) فيما سلف ١١: ٤٩٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) في المطبوعة: ((مهددًا للمشركين)) ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو ألصق بالسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>