للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، هو الذي يرسل الرياح نشرًا بين يدي رحمته. (١)

* * *

و"النشر" بفتح"النون" وسكون"الشين"، في كلام العرب، من الرياح، الطيبة اللينة الهبوب، التي تنشئ السحاب. وكذلك كل ريح طيبة عندهم فهي"نشر"، ومنه قول امرئ القيس:

كَأَنَّ المُدَامَ وَصَوْبَ الغَمَامِ ... وَرِيحَ الخُزَامَى وَنَشْرَ القُطُرْ (٢)

* * *

وبهذه القراءة قرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين، خلا عاصم بن أبي النجود، فإنه كان يقرؤه:"بشرًا" على اختلاف عنه فيه.

* * *


(١) القراءة التي أثبتها أبو جعفر في تفسير الآية"نشرا"، ولكني أثبت في الآية قراءتنا في مصحفنا، وسأثبتها في سائر المواضع بقراءة أبي جعفر بالنون.
(٢) ديوانه: ٧٩، واللسان (نشر) من قصيدة له طويلة، وهذا البيت في ذكر"هو" صاحبته وهذا البيت في صفة رائحة ثغرها عند الصباح، حين تتغير أفواه الناس، يقول بعده: يُعَلُّ بِهِ بَرْدُ أَنْيَابِهَا ... إذَا طَرَّبَ الطَّائِر المُسْتَحِرْ
و"القطر" (بضمتين) : هو العود الذي يتبخر به. و"صوب الغمام"، وقعه حيث يقع. و"يعل" يسقى بالمدام مرة بعد مرة. و"الطائر المستحر"، الديك إذا صوت عند السحر. يصفها بطيب رائحة فمها، حين تتغير الأفواه بعد النوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>