للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

برفع"غير"، ردًّا لها على موضع"من"، لأن موضعها رفع، لو نزعت من الكلام لكان الكلام رفعًا، وقيل:"ما لكم إله غيرُ الله". (١) فالعرب [لما وصفت من أن المعلوم بالكلام] (٢) أدخلت "من" فيه أو أخرجت، وأنها تدخلها أحيانًا في مثل هذا من الكلام، وتخرجها منه أحيانًا، تردّ ما نعتت به الاسم الذي عملت فيه على لفظه، فإذا خفضت، فعلى كلام واحد، لأنها نعت لـ"الإله". وأما إذا رفعت، فعلى كلامين:"ما لكم غيره من إله"، وهذا قول يستضعفه أهل العربية.

* * *

القول في تأويل قوله: {قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٦٠) }

قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه، عن جواب مشركي قوم نوح لنوح، وهم"الملأ" = و"الملأ"، الجماعة من الرجال، لا امرأة فيهم (٣) = أنهم قالوا له حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له:"إنا لنراك"، يا نوح ="في ضلال مبين"، (٤) يعنون في أمر زائل عن الحق، مبين زوالهُ عن قصد الحقّ لمن تأمله. (٥)

* * *


(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٨٢، ٣٨٣.
(٢) هكذا جاءت العبارة في المطبوعة والمخطوطة، وفي الكلام سقط لا شك فيه، لم أستطع أن أرده إلى أصله، ولذلك وضعت هذه العبارة بين القوسين. والظاهر أن السقط طويل، لأن أبا جعفر خالف هنا في هذا السياق ما درج عليه من ذكر أولي القراءتين بالصواب عنده.
(٣) انظر تفسير"الملأ" فيما سلف ٥: ٢٩١، وقد فسره هناك بما فسرته كتب اللغة، أنهم وجوه القوم ورؤساؤهم وأشرافهم. وأما التفسير الذي هنا، فلم يرد فيها، وهو شيء ينبغي أن يقيد. وهذا نص الفراء في معاني القرآن ١: ٣٨٣.
(٤) انظر تفسير"الضلال" و"مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) و (بين) .
(٥) في المطبوعة: "عن قصد الحد"، وهو لا معنى له، وهي في المخطوطة سيئة الكتابة، وهذا صواب قراءتها. وانظر تفسير الآية التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>