للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم) ، يذكرهم شعيب نعمة الله عندهم بأن كثّرَ جماعتهم بعد أن كانوا قليلا عددهم، وأنْ رَفعهم من الذلة والخساسة، يقول لهم: فاشكروا الله الذي أنعم عليكم بذلك، وأخلصوا له العبادة، واتقوا عقوبته بالطاعة، واحذروا نقمته بترك المعصية،= (وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) ، يقول: وانظروا ما نزل بمن كان قبلكم من الأمم حين عتوا على ربهم وعصوا رسله، من المَثُلات والنقمات، وكيف وجدوا عقبى عصيانهم إياه؟ (١) ألم يُهلك بعضهم غرقًا بالطوفان، وبعضهم رجمًا بالحجارة، وبعضهم بالصيحة؟

* * *

و"الإفساد"، في هذا الموضع، معناه: معصية الله. (٢)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (٨٧) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: (وإن كان طائفة منكم) ، وإن كانت جماعة منكم وفرقة (٣) = (آمنوا) ، يقول: صدّقوا بالذي أرسلتُ به من إخلاص العبادة لله، وترك معاصيه، وظلم الناس، وبخسهم في المكاييل والموازين، فاتّبعوني على ذلك= (وطائفة لم يؤمنوا) ، يقول: وجماعة أخرى لم يصدِّقوا بذلك، ولم يتبعوني عليه= (فاصبروا حتى يحكم الله بيننا) ، يقول: فاحتبسوا على قضاء


(١) انظر تفسير"العاقبة" فيما سلف ١١: ٢٧٢، ٢٧٣/ ١٢: ١٢٩.
(٢) انظر تفسير"الإفساد" فيما سلف ص: ٥٥٦، تعليق ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"طائفة" فيما سلف ٦: ٥٠٠/ ٩: ١٤١/ ١٢: ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>