للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا أسباط، عن السدي: (فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون) ، قال: ما أعطوا من العهود، وهو حين يقول الله: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) ، وهو الجوع = (ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون) ، [الأعراف: ١٣٠] .

* * *

القول في تأويل قوله: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٣٦) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما نكثوا عهودهم = "انتقمنا منهم"، يقول: انتصرنا منهم بإحلال نقمتنا بهم، (١) وذلك عذابه = "فأغرقناهم في اليمّ"، وهو البحر، كما قال ذو الرمة:

دَاوِيَّةٌ وَدُجَى لَيْلٍ كَأَنَّهُمَا يَمٌّ تَرَاطَنُ فِي حَافَاتِهِ الرُّومُ (٢)


(١) انظر تفسير ((الانتقام)) فيما سلف ١١: ٤٧، ٥٦، ٥٧.
(٢) ديوانه: ٥٧٦، من قصيدة باذخة، وهذا البيت منها في صفه فلاة مخوفة، يقول قبله: بَيْنَ الرَّجَا والرَّجَا من جَنْبٍ وَاصِيَةٍ ... يَهْمَاءَ خَابِطُهَا بِالخَوْفِ مَكْعُومُ
لِلجِنِّ بِاللَّيْلِ فِي حَافَاتِهَا زَجَلٌ ... كَمَا تَجَاوَبَ يَوْمَ الرِّيحِ عَيْشُومُ
هَنَّا، وَهَنَّا وَمِنْ هَنَّا لَهُنَّ، بِهَا ... ذَاتَ الشَّمَائِلِ وَالأَيْمَانِ هَيْنُومُ
دَوِّيَّةٌ وَدُجَي لَيْل............. ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
((الرجا)) الناحية. و ((الواصية)) ، فلاة تتصل بفلاة مخوفة أخري، كأن بعضها يوصي بعضاً بالأهوال.و ((خابطها)) الساري فيها لايكاد يهتدي. ((يهماء)) ، مبهمة لايكاد المرء يهتدي فيها. و ((مكعوم)) مشدود الفم، لايطيق أن ينطق من الرعب. و ((زجل الجن)) ، صوتها وعزيفها. و ((العيشوم)) نبت له خشخشة إذا هبت عليه الريح. و ((الهينوم)) ، الهينمة وهو صوت تسمعه ولا تفهمه. يقول تأتيه هذه الأصوات من يمين وشمال. و ((الدوية)) و، الداوية، الفلاة التي يسمع فيها دوي الصوت، لبعد أطرافها. وهذا شعر فاخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>