للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما هلك أبو بكر وكانَ عُمر (١) كتبَ ذلك في صحيفة واحدةٍ، فكانت عنده. فلما هلك، كانت الصحيفةُ عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن حذيفة بن اليمان قدِم من غزوة كان غزاها بِمَرْج أرْمينِية (٢) فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان بن عفان فقال: "يا أمير المؤمنين: أدرِكِ الناس! فقال عثمان: "وما ذاك؟ " قال غزوت مَرْج أرمينية، فحضرها أهلُ العراق وأهلُ الشام، فإذا أهل الشام يقرءون بقراءة أبيّ بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهلُ العراق، فتكفرهم أهلُ العراق. وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة ابن مسعود، فيأتون بما لم يسمع به أهل الشام، فتكفِّرهم أهلُ الشام. قال زيد: فأمرني عثمان بن عفان أكتبُ له مُصْحفًا، وقال: إنّي مدخلٌ معك رجلا لبيبًا فصيحًا، فما اجتمعتما عليه فاكتباه، وما اختلفتما فيه فارفعاه إليّ. فجعل معه أبان بن سعيد بن العاص، قال: فلما بلغنا {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} [سورة البقرة: ٢٤٨] قال: زيد فقلت: "التابوه" وقال أبان بن سعيد: "التابوت فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب: "التابوت" قال: فلما فرغتُ عرضته عَرْضةً، فلم أجد فيه هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} [سورة الأحزاب: ٢٣] قال: فاستعرضتُ المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدْها عند أحد منهم، ثم استعرضتُ الأنصارَ أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم،، حتى وجدُتها عند خُزيمة بن ثابت، فكتبتها، ثم عرَضته عَرضَةً أخرى، فلم أجد فيه هاتين الآيتين: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ


(١) قوله "وكان عمر"، أي ولي الأمر من بعده. وقال ابن حجر في فتح الباري ٩: ١٣ وذكر جمع القرآن في الورق والصحف على عهد أبي بكر، ثم قال: "هذا كله أصح مما وقع في رواية عمارة بن غزية.."
(٢) في المطبوعة "في فرج أرمينية"، وكذلك التي تليها. والمرج: أرض واسعة كثيرة النبت تمرج فيها الدواب، أي تذهب وتجيء. وقد أضيف "مرج" إلى كثير من المواضع والبلاد. وأرض أرمينية واسعة خصيبة. وذكر ابن حجر في الفتح ٩: ١٤ رواية "فتح أرمينية" و "فرج.." ولم يذكر "مرج"، وذكرها أبو عمرو الداني في كتابه "المقنع": ٤ قال: "وكانوا يقاتلون على مرج أرمينية".

<<  <  ج: ص:  >  >>