للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من القول في ذلك على ما بيناه; لأن الله وصفَ في الآية قبلها أهل الإيمان به، وارتداعَهم عن معصيته وما يكرهه إلى محبته عند تذكرهم عظمته، ثم أتبع ذلك الخبرَ عن إخوان الشياطين وركوبهم معاصيه، فكان الأولى وصفهم بتماديهم فيها، (١) إذ كان عَقِيب الخبر عن تقصير المؤمنين عنها.

* * *

وأما قوله: (يمدونهم) ، فإنَّ القرأة اختلفت في قراءته.

فقرأه بعض المدنيين: "يُمِدُّونَهُمْ" بضم الياء من "أمددت".

* * *

وقرأته عامة قرأة الكوفيين والبصريين: (يَمُدُّونَهُمْ) ، بفتح الياء من "مددت".

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا: (يَمُدُّونَهُمْ) ، بفتح الياء، لأن الذي يمد الشياطينُ إخوانَهم من المشركين، إنما هو زيادة من جنس الممدود، وإذا كان الذي مد من جنس الممدود، كان كلام العرب "مددت" لا "أمددت". (٢)

* * *

وأما قوله: (يقصرون) ، فإن القرأة على لغة من قال: "أقصَرْت أقْصِر". وللعرب فيه لغتان: "قَصَرت عن الشيء" و"أقصرت عنه". (٣)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا}

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإذا لم تأت، يا محمد، هؤلاء المشركين بآية من الله = (قالوا لولا اجتبَيتَها) ، يقول: قالوا: هلا اخترتها واصطفيتها.


(١) في المطبوعة والمخطوطة: ((وكان الأولى)) بالواو، والسياق يقتضى الفاء.
(٢) انظر تفسير ((مد)) و ((أمد)) فيما سلف ١: ٣٠٦ - ٣٠٨ / ٧: ١٨١.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٠٢، وصحح الخطأ هناك، فإنه ضبط ((قصر)) بضم الصاد، والصواب فتحها لا صواب غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>