للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٣٧) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما النّسيء إلا زيادة في الكفر.

* * *

و"النسيء" مصدر من قول القائل: "نسأت في أيامك، ونسأ الله في أجلك"، أي: زاد الله في أيام عمرك ومدة حياتك، حتى تبقى فيها حيًّا. وكل زيادة حدثت في شيء، فالشيء الحادث فيه تلك الزيادة بسبب ما حدث فيه: "نسيء". ولذلك قيل للبن إذا كُثِّر بالماء: "نسيء"، وقيل للمرأة الحبلى: "نَسُوء"، و"نُسِئت المرأة"، لزيادة الولد فيها، وقيل: "نسأتُ الناقة وأنسأتها"، إذا زجرتها ليزداد سيرها.

وقد يحتمل أن: "النسيء"، "فعيل" صرف إليه من "مفعول"، كما قيل: "لعينٌ" و"قتيل"، بمعنى: ملعون ومقتول. ويكون معناه: إنما الشهر المؤخَّر زيادة في الكفر.

وكأنّ القول الأوّل أشبه بمعنى الكلام، وهو أن يكون معناه: إنما التأخير الذي يؤخِّره أهل الشرك بالله من شهور الحرم الأربعة، وتصييرهم الحرام منهن حلالا والحلال منهن حرامًا، زيادة في كفرهم وجحودهم أحكامَ الله وآياته.

* * *

وقد كان بعض القرأة يقرأ ذلك: (إِنَّمَا النَّسْيُ) بترك الهمز، وترك مدِّه: (يضل به الذين كفروا) ،.

* * *

واختلف القرأة في قراءة ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>