للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لو خرج، أيها المؤمنون، فيكم هؤلاء المنافقون = (ما زادوكم إلا خبالا) ، يقول: لم يزيدوكم بخروجهم فيكم إلا فسادًا وضرًّا، ولذلك ثبَّطتُهم عن الخروج معكم.

* * *

وقد بينا معنى "الخبال"، بشواهده فيما مضى قبل. (١)

* * *

(ولأوضعوا خلالكم) ، يقول: ولأسرعوا بركائبهم السَّير بينكم.

* * *

وأصله من "إيضاع الخيل والركاب"، وهو الإسراع بها في السير، يقال للناقة إذا أسرعت السير: "وضعت الناقة تَضَع وَضعًا ومَوْضوعًا"، و"أوضعها صاحبها"، إذا جدّ بها وأسرع، "يوضعها إيضاعًا"، ومنه قول الراجز: (٢)

يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ ... أَخُبُّ فِيهَا وَأَضَعْ (٣)

* * *


(١) انظر تفسير "الخبال" فيما سلف ٧: ١٣٩، ١٤٠.
(٢) هو دريد بن الصمة.
(٣) سيرة ابن هشام ٤: ٨٢، واللسان (وضع) ، وغيرهما، وهذا رجز قاله دريد في يوم غزوة حنين، وكان خرج مع هوزان، عليهم مالك بن عوف النصري، ودريد بن الصمة يومئذ شيخ كبير، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب، وكان شيخًا مجربًا. وكان مالك بن عوف كره أن يكون لدريد بن الصمة رأي في حربهم هذه أو ذكر، فقال دريد: "هذا يوم لم أشهده ولم يفتني". يَا لَيْتنِي فِيها جَذَعْ ... أَخُبُّ فيها وأَضَعْ
أَقُودُ وَطْفَاء الزَّمَعْ ... كَأَنَّهَا شَاةٌ صَدَعْ
"الجذع"، الصغير الشاب. و "الخبب"، ضرب من السير كالوضع. ثم وصف فرسه فيما تمنى. "وطفاء"، طويلة الشعر، و "الزمعة" الهنة الزائدة الناتئة فوق ظلف الشاة. و "الشاة" هنا: الوعل وهو شاة الجبل. و "صدع" الفتى القوي من الأوعال.

<<  <  ج: ص:  >  >>