للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيمانُ بمحكمه المبين، باب خامسٌ من أبوابها؛ والتسليمُ لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحَجَب علمه عن خلقه والإقرارُ بأن كل ذلك من عند رّبه، باب سادسٌ من أبوابها؛ والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته، باب سابعٌ من أبوابها.

فجميع ما في القرآن -من حروفه السبعة، وأبوابه السبعة التي نزل منها- جعله الله لعباده إلى رضوانه هاديًا، ولهم إلى الجنة قائدًا. فذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "نزل القرآن من سبعة أبواب الجنة".

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في القرآن: "إن لكلّ حرف منه حدًّا"، يعني (١) لكل وجه من أوجهه السبعة حد حدّه الله جل ثناؤه، لا يجوز لأحد أن يتجاوزه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإن لكل حرف منها ظَهرًا وبطنًا"، فظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه: ما بطن من تأويله (٢) .

وقوله: "وإن لكلّ حدٍّ من ذلكُ مطَّلَعًا"، فإنه يعني أنّ لكل حدٍّ من حدود الله التي حدَّها فيه -من حلالٍ وحرامٍ، وسائر شرائعه- مقدارًا من ثواب الله وعقابه، يُعاينه في الآخرة، ويَطَّلع عليه ويلاقيه في القيامة. كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لو أنّ لي ما في الأرض من صفراءَ وبيضاءَ لافتديتُ به من هَوْلِ المطَّلَع"، يعني بذلك ما يطَّلع عليه ويهجُم عليه من أمر الله بعد وفاته.


(١) انظر ما مضى في خبر عبد الله بن مسعود. الحديث رقم: ١٠ والتعليق عليه.
(٢) الظاهر: هو ما تعرفه العرب من كلامها، وما لا يعذر أحد بجهالته من حلال وحرام. والباطن: هو التفسير الذي يعلمه العلماء بالاستنباط والفقه. ولم يرد الطبري ما تفعله طائفة الصوفية وأشباههم في التلعب بكتاب الله وسنة رسوله، والعبث بدلالات ألفاظ القرآن، وادعائهم أن لألفاظه "ظاهرًا" هو الذي يعلمه علماء المسلمين، و "باطنًا" يعلمه أهل الحقيقة، فيما يزعمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>