للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مسليًا نبيه في تكذيب مشركي قومه إياه فيما أتاهم به من عند الله، بفعل بني إسرائيل بموسى فيما أتاهم به من عند الله. يقول له تعالى ذكره: ولا يحزنك، يا محمد، تكذيب هؤلاء المشركين لك، وامض لما أمرك به ربُّك من تبليغ رسالته، فإن الذي يفعل بك هؤلاء من ردِّ ما جئتهم به عليك من النصيحة من فعل ضُربائهم من الأمم قبلهم وسنَّةٌ من سُنتهم.

ثم أخبره جل ثناؤه بما فعل قوم موسى به فقال: (ولقد آتينا موسى الكتاب) ، يعني: التوراة، كما آتيناك الفرقان، فاختلف في ذلك الكتاب قومُ موسى، فكذّب به بعضُهم وصدّق به بعضهم، كما قد فعل قومك بالفرقان من تصديق بعض به، وتكذيب بعض = (ولولا كلمة سبقت من ربك) ، يقول تعالى ذكره: ولولا كلمة سبقت، يا محمد، من ربك بأنه لا يعجل على خلقه العذاب، ولكن يتأنى حتى يبلغ الكتاب أجله = (لقضي بينهم) ، يقول: لقضي بين المكذب منهم به والمصدِّق، بإهلاك الله المكذب به منهم، وإنجائه المصدق به = (وإنهم لفي شك منه مريب) ، يقول: وإن المكذبين به منهم لفي شك من حقيقته أنه من عند الله = (مريب) ، يقول: يريبهم، فلا يدرون أحقٌّ هو أم باطلٌ؟ ولكنهم فيه ممترون. (١)

* * *


(١) انظر تفسير " مريب " فيما سلف ص: ٣٧٠، تعليق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>