للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨) }

قال أبو جعفر: وفي الكلام متروك قد استغني بذكر ما ظهر عما حذف، وذلك: فخرجوا راجعين إلى مصر حتى صاروا إليها، فدَخلوا على يوسف= (فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر) ، أي الشدة من الجدب والقحط (١) = (وجئنا ببضاعة مزجاة) . كما:-

١٩٧٤٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، وخرجوا إلى مصر راجعين إليها= (ببضاعة مزجاة) : أي قليلة، لا تبلغ ما كانوا يتبايعون به، إلا أن يتجاوز لهم فيها، وقد رأوا ما نزل بأبيهم، وتتابعَ البلاء عليه في ولده وبصره، حتى قدموا على يوسف. فلما دخلوا عليه قالوا: (يا أيها العزيز) ، رَجَاةَ أن يرحمهم في شأن أخيهم (٢) = (مسنا وأهلنا الضر) .

* * *

وعنى بقوله: (وجئنا ببضاعة مُزْجاة) بدراهم أو ثمن لا يجوز في ثمن الطعام إلا لمن يتجاوز فيها.

* * *

وأصل"الإزجاء": السوق بالدفع، كما قال النابغة الذبياني:

وَهَبّتِ الرِّيحُ مِنْ تِلْقَاءِ ذِي أُرُلٍ ... تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ مِنْ صَرَّادِهَا صِرَمَا (٣)


(١) انظر تفسير" الضر" فيما سلف من فهارس اللغة (ضرر) .
(٢) في المطبوعة:" رجاء"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو بمثل معناه.
(٣) ديوانه: ٥٢، و" ذو أرل"، جبل بديار غطفان. و" الصراد"، سحاب بارد رقيق تسفره الريح وتسوقه. و" الصرم" جمع صرمة، وهي قطع السحاب. وقبل البيت: هَلاَّ سَأَلْتَ بَني ذُبْيَانَ ما حَسَبي ... إذَا الدُّخَانُ تَغَشَّى الأشْمَطَ البَرَمَا
من أبيات يذكر فيها كرمه في زمن الجدب والشتاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>