للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزلَ اللَّهُ بَغْيًا}

قال أبوجعفر ومعنى قوله جل ثناؤه: (بئس ما اشتروا به أنفسهم) : ساء ما اشتروا به أنفسهم.

* * *

وأصل"بئس" "بَئِس" من"البؤس"، سكنت همزتها، ثم نقلت حركتها إلى"الباء"، كما قيل في"ظللت""ظلت"، وكما قيل"للكبد"،"كِبْد" - فنقلت حركة"الباء" إلى"الكاف" لما سكنت"الباء".

وقد يحتمل أن تكون"بئس"، وإن كان أصلها"بَئِس"، من لغة الذين ينقلون حركة العين من"فعل" إلى الفاء، إذا كانت عين الفعل أحد حروف الحلق الستة، كما قالوا من"لعب" "لِعْب"، ومن"سئم""سِئْم"، وذلك -فيما يقال- لغة فاشية في تميم.

ثم جعلت دالة على الذم والتوبيخ، ووصلت بـ "ما".

واختلف أهل العربية في معنى"ما" التي مع"بئسما". فقال بعض نحويي البصرة: هي وحدها اسم، و"أن يكفروا" تفسير له، (١) نحو: نعم رجلا زيد، و"أن ينزل الله" بدل من"أنزل الله".

وقال بعض نحويي الكوفة: معنى ذلك: بئس الشيء اشتروا به أنفسهم أن يكفروا، ف"ما" اسم"بئس"، و"أن يكفروا" الاسم الثاني. وزعم أن:"أن يكفروا" إن شئت جعلت"أن" في موضع رفع، وإن شئت في موضع خفض. (٢) أما الرفع: فبئس الشيء هذا أن يفعلوه. وأما الخفض: فبئس


(١) "التفسير" هو ما اصطلح البصريون على تسميته"التمييز"، ويقال له التبيين أيضًا، (همع الهوامع ١: ٢٥٠) .
(٢) في المطبوعة: "وزعم أن أن ينزل من فضله إن شئت جعلت. . . "، وهو سهو من النساخ، وصوابه ماأثبته من معاني القرآن للفراء ١: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>