للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ) يقول: فعل الله ذلك بهم جزاء لهم بما كسبوا من الآثام في الدنيا، كيما يثيب كلّ نفس بما كسبت من خير وشرّ، فيَجْزِي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) يقول: إن الله عالم بعمل كلّ عامل، فلا يحتاج في إحصاء أعمالهم إلى عقد كفّ ولا معاناة، وهو سريع حسابه لأعمالهم، قد أحاط بها علما، لا يعزب عنه منها شيء، وهو مجازيهم على جميع ذلك صغيره وكبيره.

القول في تأويل قوله تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ (٥٢) }

يقول تعالى ذكره: هذا القرآن بلاغ للناس، أبلغ الله به إليهم في الحجة عليهم، وأعذر إليهم بما أنزل فيه من مواعظه وعبره (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) يقول: ولينذروا عقاب الله، ويحذروا به نقماته، أنزله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ) يقول: وليعلموا بما احتجّ به عليهم من الحجج فيه أنما هو إله واحد، لا آلهة شتى، كما يقول المشركون بالله، وأن لا إله إلا هو الذي له ما في السماوات وما في الأرض، الذي سخر لهم الشمس والقمر والليل والنهار وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لهم، وسخر لهم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لهم الأنهار. (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) يقول: وليتذكر فيتعظ بما احتجّ الله به عليه من حججه التي في هذا القرآن، فينزجر عن أن يجعل معه إلها غيره، ويُشْرِك في عبادته شيئا سواه أهلُ الحجى والعقول، فإنهم أهل الاعتبار والادّكار دون الذين لا عقول لهم ولا أفهام، فإنهم كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ) قال: القرآن (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) قال: بالقرآن. (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ)

آخر تفسير سورة إبراهيم صلى الله عليه وسلم، والحمد لله ربّ العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>