للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنْ تَسْأَلِينَا فِيم نَحْنُ فإنَّنَا ... عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الأنامِ المُسَحَّر (١)

وقال آخرون:

ونُسحَر بالطعام وبالشراب (٢)

أي نغذّى بهما، فكأن معناه عنده كان: إن تتبعون إلا رجلا له رئة، يأكل الطعام، ويشرب الشراب، لا مَلَكا لا حاجة به إلى الطعام والشراب، والذي قال من ذلك غير بعيد من الصواب.

القول في تأويل قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا (٤٨) }


(١) البيت في (ديوان لبيد، رواية الطوسي، طبع فينا سنة ١٨٨٠ ص ٨١) وفي شرحه: عصافير: صغار ضعاف. أي نحن أولاد قوم قد ذهبوا ومسحر معلل بالطعام والشراب. وقوله: " إنما أنت من المسحرين ": من هذا. واستشهد به المؤلف على هذا قال: والمسحر: من قولهم للرجل إذا جبن: قد انتفخ سحره. وكذلك يقال لكل ما أكل وشرب من آدمي وغيره: مسحور ومسحر كما قال لبيد: " فإن تسألينا ... " البيت. و (في اللسان: سحر) : وقول لبيد: " فإن تسألينا ... إلخ البيت، يكون على الوجهين، وقوله تعالى: " إنما أنت من المسحرين " يكون من التغذية والخديعة.
(٢) هذا عجز بيت من قول امرئ القيس بن حجر الكندي: أرَانا مُوضِعِينَ لأَمْرِ غَيْبٍ ... ونُسْحَرُ بالطَّعامِ وبالشَّرَابِ
عَصَافِيرٌ وذِبَّانٌ ودُودٌ ... وأجْرأ مِنْ مُجَلِّحَةِ الّذئابِ
قال صاحب اللسان بعد أن أورد البيتين: (سحر) أي نغذى أو نخدع. قال ابن امرئ بري: وقوله: " موضعين " معناه: مسرعين. وقوله " لأمر غيب ": يريد الموت، وأنه قد غيب عنا وقته، ونحن نلهى عنه بالطعام والشراب. والسحر: الخديعة. وفي "مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا طبعة الحلبي ص ٧٩ في شرح البيت الأول من البيتين: موضعين: مسرعين. لأمر غيب: يريد الموت أو المستقبل المجهول. ويروى: لحتم غيب. ونسحر: نلهى، أو نغذى. يقول: أرانا في هذه الدنيا مسرعين للموت الذي غيب عنا وقته، أو لمستقبل مجهول، لا ندري من أمره شيئا، ونحن نعلل عنه بالطعام وبالشراب. يريد: كيف يستلذ الطعام والشراب من هو جاد إلى شرب كأس المنية. وفي شرح البيت الثاني: العصافير: ضعاف الطير؛ والمجلح: الجريء، والأنثى مجلحة. يقول: نحن أشبه بالعصافير والذباب والدود في ضعفنا، ولكننا أجرأ على الشر، وارتكاب الآثام من الذئاب الضارية.

<<  <  ج: ص:  >  >>