للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حمل الميت للدفن]

المفتي

عبد الرحمن قراعة.

شوال ١٣٤٥ هجرية ١٨ ابريل ١٩٢٧ م

المبادئ

١ - السنة هى حمل الميت على أعناق الرجال تكريما.

إلا إذا كان هناك بعد شاسع بين مكان الوفاة ومكان الدفن وكانت المشقة عظيمة، فإنه يجوز حمل الميت على أداة من أدوات الحمل.

٢ - لا تقدير للمسافة بين محل الميت وبين المقبرة

السؤال

بخطاب المحافظة رقم ١٦ المرسل فى سنة ١٩٢٧ رقم ٦١٥٩ وبالمستخرج من محضر جلسة اللجنة الفرعية الجبانات المرافق له ونص الخطاب كالآتى أتشرف بأن أحيط فضيلتكم علما أنه بالنسبة لما سبق وروده رقم ٥٧ فتاوى فى ٢٦ مارس سنة ١٩٢٦ بخصوص تشييع جنازة الموتى، قد اجتمعت اللجنة الفرعية للجنة جبانات المسلمين بمدينة القاهرة بديوان المحافظة اليوم، وبعد أن تناقشت فيه قررت ما هو واضح بالمستخرج المرفق طيه.

فنرجو التكرم بالإفادة بما يرى قبل الموعد المحدد، وصورة المستخرج نصها (نظرت اللجنة الفرعية للجنة جبانات المسلمين بمدينة القاهرة والمنعقدة بديوان المحافظة فى يوم السبت ١٦ أبريل سنة ١٩٢٧ فى موضوع تشييع جنازة الموتى إلى أقرب مسجد، وحمل النعش بعد ذلك على عربة أو ما شاكلها للمدافن، وذلك منعا لتحمل المشيعين كثيرا من العناء والمتاعب لسبب بعد المدافن، وقررت اللجنة بعد المناقشة أن تستوضح من فضيلة المفتى فى المسافة البعيدة بالكيلو متر، بأن تجعل مازاد عن كيلو واحد فيه المشقة محققة والعذر فيه واضح، وخصوصا فى أيام الصيف والأمطار، فضلا عما فيه من رجوع المشعين على القدم فى الغالب الكثير من الجماهير مما يضاعف المسافة والشقة.

هذا فضلا عن اتساع مناطق البنيان فى مدينة مصر الآن. وأصبحت المقابر بعيدة جدا عن الأحياء التى أنشئت حديثا مع ملاحظة أنه فى الزمن الماضى كان لكل حى مقابر خاصة، تجاوره أو بلصقه مثل المقابر التى كانت بحى العتبه الخضراء وبجوارها حى قسم الموسكى، ومقابر معروف بجوار قصر النيل، وكانت مخصصة لأحياء بولاق وعابدين وشبرا، ومقابر سيدى زينهم مخصصة لجهة قسم السيدة، وكان سكان هذه الأحياء كلها وما يماثلها لا يتحملون أى مشقة فى دفن موتاهم، وغير خاف ما عليه الآن حالة المرور فى مدينة مصر وشوارعها، وخصوصا الرئيسية منها التى توصل للمقابر فإنها مزدحمة جدا بالترام والسيارات والعربات والحركة التجارية وما شاكلها مما يترتب عليه حوادث فضلا عن شل حركة هذه المواصلات سواء كان للمارة أو المشيعين.

فى حين أن حالة الدفن فى بلاد الأرياف الآن لا تكبد المشيعين أقل عناء لعدم بعد قرافاتها عن المساكن إذ تقدر المسافة بأقل من كيلومتر بكثير.

وفى النهاية ترجو اللجنة من حضرة صاحب الفضيلة مولانا مفتى الديار المصرية أن ينور اللجنة بما اقترحته فى هذا الصدد قبل اجتماعها يوم السبت القادم ٢٣ أبريل سنة ١٩٢٧، لإمكانها تقرير المصير فى هذه المادة

الجواب

اطلعنا على خطاب سعادتكم رقم ١٦ أبريل سنة ١٩٢٧ نمرة ٦١٥٩ وعلى المستخرج المرافق له.

ونفيد أنه سبق لنا أن أبدينا رأينا فيما يختص بتشييع جنائز المسلمين بالفتوى ٥٧ المؤرخة ٢٦ مايو سنة ١٩٢٦، وبينا فيها أن السنة هى حمل الميت على أعناق الرجال تكريما له كما هو المتعارف بين المسلمين من صدر الإسلام إلى اليوم، ولا يصار إلى مخالفته وارتكاب المكروه إلا إذا كان هناك بعد شاسع بين محل الميت وبين المقبرة التى يدفن فيها، وكانت المشقة عظيمة، كما لو كان الميت مثلا بمصر الجديدة والمدفن بقرافة الإمام الشافعى، فإنه فى مثل هذه الحالة اتقاء لتلك المشقة يجوز حمل الميت على أداة من أدوات الحمل.

ومطلوب الآن بإفادتكم تقدير ذلك بالكيلومتر، ولقد رأينا فى كثير من الجنائز أن سار الشيوخ الذين يتجاوزون الثمانين من أعمارهم فى تشييعها من محطة مصر أو محطة كوبرى الليمون إلى قرافة الإمام الشافعى وإلى مسجد الرفاعى ولم يصبهم فى ذلك نصب ولم تلحقهم مشقة، ولذا لا أوافق على التقدير الذى جاء فى المذكرة المرسلة مع خطاب المحافظة، وعلى الجملة فقد بينت المبدأ الشرعى فيما هو سنة وما هو مكروه، ومتى يصار غلى ارتكاب ذلك المكروه وبذلك قمت بواجبى، والسلام عليكم

<<  <  ج: ص:  >  >>