للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التأمين ضد الحريق]

المفتي

محمد بخيت.

١٣ ربيع آخر ١٣٣٧ هجرية - ١٥ يناير ١٩١٩ م

المبادئ

١ - التأمين ضد الحريق غير جائز شرعا.

٢ - ضمان الأموال فى الشريعة الإسلامية.

إما أن يكون بطريق الكفالة أو بطريق التعدى، أو الاتلاف، وليس عقد التأمين شيئا من ذلك.

٣ - عقد التأمين ليس عقد مضاربة، لاشتراط أن يكون المال من جانب والعمل من جانب آخر

السؤال

من محمد رمضان.

بما صورته. توجد شركات تدعى شركات التأمين على الحريق، وظيفتها أن تقبل من صاحب الملك مبلغا معينا يدفعه إليها كل سنة، وفى نظير ذلك تضمن له دفع قيمة ما عساه يلحق الملك المؤمن عليه من أضرار الحريق إذا حصل.

وقد اعتاد كثير من أرباب الأملاك التأمين على عقاراتهم لدى هذه الشركات.

فهل مثل هذا العمل يعد مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء أم لا وهل يجوز لناظر الوقف أن يؤمن على أعيان الوقف التى يخشى عليها من خطر الحريق بهذه الكيفية أم لا نرجو إفادتنا عن ذلك بما يقتضيه الوجه الشرعى

الجواب

اطلعنا على هذا السؤال - ونفيد أن عمل شركات التأمين على الوجه المذكور فى السؤال غير مطابق لأحكام الشريعة الإسلامية، ولا يجوز لأحد سواء كان ناظر وقف أو غيره أن يعمله.

وذلك لما هو مقرر شرعا أن ضمان الأموال إما أن يكون بطريق الكفالة أو بطريق التعدى أو الإتلاف، وهذا العمل ليس عقد كفالة قطعا.

أن شرط عقد الكفالة أن يكون المكفول به دينا صحيحا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، أو عينا مضمونة بنفسها بأن يجب على المكفول عنه تسليمها للمكفول له.

فإن هلكت ضمن المكفول عنه للمكفول له مثلها إن كانت مثلية، وقيمتها إن كانت قيمية، وذلك كالمغصوب والمبيع بيعا فاسدا وبدل الخلع وبدل الصلح عن دم عمد.

كما صرح بذلك فى جميع كتب المذهب المعتبرة كالبدايع وغيرها، وعلى ذلك لابد فى عقد الكفالة من كفيل يجب عليه الضمان، ومن مكفول له يجب تسليم المال المضمون إليه، ومكفول عنه يجب عليه إحالة تسليم المال المكفول به ومن مكفول به وهو المال الذى يجب تسليمه للمكفول له، وبدون ذلك لا يتحقق عقد الكفالة، ولا يوجد شىء مما ذكرناه فى عقد الكفالة فى عمل شركات التأمين المذكورة بالسؤال.

فالكفالة لا تنطبق عليه بلا شبهة، لأن المال الذى جعله صاحبه فى ضمان الشركة لم يخرج عن يده ولا يجب عليه تسليمه لأحد غيره فلم يكن دينا يجب عليه أداؤه، ولا عينا مضمونة عليه بنفسها كما أن المال المذكور لم يدخل فى ضمان الشركة، لأنه لم يكن دينا عليها ولا عينا مضمونة عليها بنفسها، فتبين أن العمل المذكور ليس ضمان تعد ولا ضمان إتلاف،لأن أهل الشركة لم يتعد واحد منهم على المال المؤمن عليه ولم يتلفه ولم يتعرض له بأدنى ضرر، بل إن هلك المال المؤمن عليه فإما أن يهلك بالقضاء والقدر أو باعتداء متعد آخر أو إتلاف متلف آخر، فلا وجه حينئذ لدخول المال المؤمن عليه فى ضمان الشركة، ولا لأخذ الشركة ما تأخذه فى نظير ذلك ولا يجوز أيضا أن يكون العقد المذكور عقد مضاربة لأن عقد المضاربة يلزم فيه أن يكون المال من جانب رب المال والعمل من جانب المضارب والربح على ماشرطا - لأن أهل الشركة إنما يأخذون المبالغ التى يأخذونها فى نظير ضمان ماعساه أن يحلق الملك المؤمن عليه من إضرار الحريق ونحوه لأنفسهم، ويعملون فى تلك المبالغ لأنفسهم لا لأربابها، ومن هذا الذى فصلناه يتبين جليا أن العمل المذكور بالسؤال ليس مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية، بل هو عقد فاسد شرعا، لا يجوز شرعا الإقدام عليه سواء كان العقار المؤمن عليه ملكا أو وقفا فلا يجوز لناظر الوقف أن يقدم على هذا العمل بحال من الأحوال، أن هذا العمل معلق على خطر وهو ماعساه أن يلحق العقار المؤمن عليه من الضرر.

وتارة هذا الضرر يقع، وتارة لا يقع فيكون هذا العمل قمارا معنى يحرم الإقدام عليه شرعا.

والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>