للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الانتفاع بالرهن]

المفتي

حسن مأمون.

ذو الحجة ١٣٦٧ هـ- ٢٦ يونية ١٩٥٧ م

المبادئ

١ - لا يجوز الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن باتفاق، فإن أذن الراهن به فيرى الحنفية جواز الانتفاع به مطلقا.

ويرى محمد بن أسلم السمرقندى عدم جوازه ولو مع الإذن.

٢ - إذا كان الانتفاع مشروطا لا يحل، وإلا فهو جائز شرعا، ومثل الانتفاع المشروط ما إذا كان معروفا بين الناس أنهم لا يقرضون أموالهم إلا فى مقابل الانتفاع بالرهن.

٣ - مذهب الحنابلة أن الدين إذا كان قرضا فلا يجوز الانتفاع بالرهن مطلقا ولو مع إذن الراهن به، فإن كان غير قرض أو كان الرهن بثمن مبيع أو بأجر دار فإن الانتفاع بالرهن يجوز بإذن الراهن، أما إذا كان الرهن حيوانا مما يركب ويحلب وله مؤنة فإنه يجوز الانتفاع بركوبه وغيره ولو بغير الإذن ولكن بشرط الإنفاق على الرهن، ويرى المالكية أن الدين إذا كان قرضا واشترط الانتفاع لا يجوز ذلك أما إن كان ثمن مبيع ونحوه واشترط الانتفاع فلا بأس به فى الدور والأراضى بشرط تحديد مدة الانتفاع.

٤ - مذهب الشافية أن اشتراط الانتفاع بالرهن مدة غير محددة مبطل للعقد، فإن حددت المدة وكان الرهن ثمن مبيع صح العقد والانتفاع.

٥ - خلاصة الفتوى أنه لا يجوز الانتفاع بدون إذن الراهن، ويجوز بإذنه مطلقا متى كان الإذن بالانتفاع لمدة محدودة شرط ذلك المرتهن.

فى العقد أم لا، لأن الراهن مالك للعين والمنفعة، والإذن للمرتهن بالانتفاع تمليك له لبعض ما يملك هو، ولا حرج شرعا فى ذلك

السؤال

بالطلب المتضمن أنه قد كثر الجدل واختلفت الآراء بين العلماء والناس حول حل الانتفاع المرتهن بالعين المرهونة وعدم حله، مما ترتب عليه اضطراب أفكار الناس لتمسك من يقول بالحل برأيه، ومن يقول بالحرمة برأيه، ولكل فريق من يؤيده.

وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى الانتفاع بالرهن حتى تقطع دابر الفتنة.

ويسير الناس على هداه

الجواب

إنه سبق أن أصدرنا فتاوى عدة متصلة بهذا الموضوع، منها الفتوى الصادرة بتاريخ ١٧ أكتوبر سنة ١٩٥٥ رقم ٤٦٣ متتابعة سجل رقم ٧٤ متنوع - وخلاصة إجابتنا فى ذلك - هى أنه لا نزاع فى أنه لا يحل للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، فقد اتفق الفقهاء على ذلك، واختلفت كلمتهم فى حل انتفاعه بإذنه.

ويتلخص رأى الحنفية فيما يأتى: أولا - لا يجوز أن ينتفع المرتهن بالرهن بدون إذن الراهن سواء أكان سببه قرضا أو ثمن مبيع أم غيرهما.

ثانيا - يحل للمرتهن أن ينتفع بالرهن بإذن الراهن بكافة الانتفاعات سواء أكان عقارا أو غيره وعليه عامة المعتبرات.

ثالثا - لا يحل للمرتهن أن ينتفع منه بشىء بأى وجه من الوجوه ولو أذن له الراهن، وذهب إلى هذا الرأى محمد بن أسلم السمرقندى.

رابعا - إذا كان الانتفاع مشروطا لا يحل، وإن لم يكن مشروطا يحل روى ذلك فى جواهر الفتاوى.

خامسا - قال ابن عابدين فى حاشيته رد المختار إن هذا الرأى الأخير يصلح للتوفيق بين الرأيين السابقين، وهو يشير بهذا إلى ترجيحه له وعليه فإذا كان الانتفاع مشروطا لم يحل ولو أذن للراهن، وإذا لم يكن مشروطا يحل بإذن الراهن، ومثل الانتفاع المشروط فى هذا الحكم ما إذا كان معروفا بين الناس أنهم لا يقرضون أموالهم إلا فى مقابلة منفعتهم بالرهن، فإنه يحرم الانتفاع بالرهن فى هذه الحالة، كما يحرم انتفاعه به إذا اشترط ذلك فى العقد، وعلى ذلك يحل للمرتهن الانتفاع بالرهن بإذن الراهن إذا كان الانتفاع غير مشروط، ولم يكن متعارفا بين الناس ويحرم فيما عدا ذلك على ما استظهره العلامة ابن عابدين.

ويتلخص رأى الحنابلة فيما يأتى: أولا - إذا كان دين الرهن قرضا لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن مطلقا ولو أذن له الراهن.

ثانيا - إذا كان الرهن بدين غير القرض أو بثمن مبيع أو بأجر دار فإنه يجوز للمرتهن الانتفاع به بإذن الراهن.

ثالثا - إذا كان الرهن حيوانا مما يركب ويحلب وله مؤنة فإنه يجوز للمرتهن إذا أتفق عليه أن ينتفع به فيركبه ويشرب لبنه ولو لم يأذن له الراهن، ويتحرى العدل فى ذلك، فينتفع بقدر إنفاقه عليه، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره بعض فقهاء الحنابلة، وفى الرواية الأخرى عن الإمام أحمد أن المرتهن لا ينتفع به بغير إذن الراهن، وهو متبرع بما أنفق، وإليه ذهب الحنفية والشافعية والمالكية.

ويتلخص رأى المالكية فيما يأتى: أولا - إذا كان دين الرهن قرضا واشترط المرتهن الانتفاع به لم يجز.

ثانيا - إذا كان دين الرهن ثمن مبيع أو نحوه واشترط المرتهن الانتفاع به فلا بأس به فى الدور والأرضين وغيرها إن حدد مدة الانتفاع وإلا لا يجوز.

ويتلخص رأى الشافعية فيما يأتى: أولا - يبطل الرهن إذا اشترط المرتهن منفعة الرهن بدون تحديد أجل الانتفاع.

ثانيا - يصح الرهن المشروط فى بيع ويجوز انتفاع المرتهن به إذا كانت مدته محددة.

هذه هى آراء فقهاء المذاهب المختلفة فى حكم انتفاع المرتهن.

(صاحب الدين) بالرهن. ونحن نرى أنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، ويجوز انتفاعه به مطلقا سواء أكان حيوانا أم عقارا أم أرضا أم غيرها، متى أذن له الراهن بالانتفاع بالعين المرهونة إلى أجل محدد معين، سواء شرط ذلك فى عقد الرهن أم لم يشرطه، وذلك لأن الراهن يملك العين المرهونة ويملك منفعتها، فإذا أذن للمرتهن فى الانتفاع فقد ملكه بعض ما يملك ولا حرج فى ذلك شرعا، وهذا موافق لما ذهب إليه الحنفية، مع الأخذ بما ذهب إليه الشافعية والمالكية فى تحديد مدة الانتفاع، ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>