للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زواج المسلم من مسيحية بالكنيسة ارتداد عن الإسلام]

المفتي

عبد المجيد سليم.

٢٩ رجب ١٣٥٩ هجرية - ٢ سبتمبر ١٩٤٠ م

المبادئ

١- ذهاب المسلم إلى الكنيسة وتزوجه بمسيحية مغيرا إسمه المسلم ارتداد عن الدين الإسلامى ولابد فى توبته وعودته إلى الإسلام من تبرئته من الدين الذين انتقل إليه.

٢- عند العودة إلى الإسلام لابد من الإتيان بالشهادتين والتبرؤ من الدين الذى انتقل إليه.

٣- إذا أشهر إسلامه بعد ذلك فإنه إذا اعتبر تبرؤا من الدين الذى انتقل إليه فليس بظاهر أنه يعتبر إتيانا بالشهادتين ولابد من عمل إشهار جديد يتضمن إتيانه الشهادتين وتبرؤه من كل دين يخالف دين الإسلام وخصوصا الدين الذى انتقل إليه.

٤- لابد من تجديد عقد زواجه بالمسلمة بعد الإتيان بالشهادتين إن لم يكن حصل منه ذلك قبل الزواج، وأن تصادقه الزوجة فى اشهار الإسلام أنه عقد عليها أو جدد العقد عليها بعد التبرى والإتيان بالشهادتين.

٥- عقد زواج المرتد بمسلمة فاسد لا باطل بخلاف الكافر الأصلى غير المرتد ويثبت به النسب وأولاده مسلمون إما تبعا لهما أو تبعا لأمهم.

٦- إذا توفى والده فى المدة بين زواجه بالمسيحية وإشهار إسلامه فلا يرث منه لأنه بما صدر منه صار مرتدا والمرتد لا يرث أحدا ما دام مرتدا وما جاء فى إشهار إسلامه على فرض أنه إسلام وتوبة لا يجعله مسلما حين وفاة والده وإنما يجعله كذلك من يوم صدوره

السؤال

محمد ع م مسلم من أب وأم مسلمين وشهرته من يوم ولادته وهبه أحب امرأة مسيحية انجيلية وتحت تأثير الحب والرغبة فى الزواج بها ذهب إلى كنيستها وعقد عليها على اعتبار أنه مسيحى إنجيلى ووقع على العقد باسم وهبه ع.

وقد انفصمت علاقة الزوجية بوفاة المرأة المذكورة فى ٣ يوليو سنة ١٩٣٣ ونظرا لأن المذكور مسلم بالفطرة والعقيد ومحتفظ باسلامه ورغبة منه فى الزواج بمسلمة فقد أشهد على نفسه بالاشهاد المرافق بهذا المؤرخ ١٧ ربيع أول سنة ١٣٥٧ الموافق ١٧ مايو سنة ١٩٣٨.

أمام حضرة قاضى السويس الشرعية إشهادا يفيد أن المذكور كان ولا يزال فى الحقيقة معتنقا دين الإسلام وهو دينه الأصلى الذى فطر عليه وأن إسمه لا زال باقيا على حاله باسم محمد ع.

م. الشهير بوهبه وبعد صدور هذا الإشهاد عقد على زوجته الحالية المسلمة والآن يريد أن تتكرموا بافتائه فى الآتى أولا هل يعتبر ما حصل من المذكور ارتدادا عن الدين الإسلامى ثانيا إذا كان كذلك فهل الإشهاد الحاصل بتاريخ ١٧ مايو سنة ١٩٣٨ والمرفق بهذا كان لتصحيح مركزه وعودته إلى الإسلام ثالثا هل زواجه بالمسلمة الحاصل على أثر الإشهاد الشرعى المرفق بهذا زواج صحيح رابعا إذا لم يكن كذلك فما هو الطريق لتصحيحه خامسا ما حكم الأولاد الذين أنجبهم من المسلمة لأنه لم يكن له أولاد من المسيحية سادسا إذا توفى والده فى الفترة بين عقد الزواج بالمسيحية وبين الإشهاد الشرعى الحاصل فى ١٧ مايو سنة ١٩٣٨ فهل يرث والده سابعا ما هو الإجراء الذى يجب عمله لقطع الشك باليقين ولتصحيح مركزه من الوجهة الدينية إذا كان هناك أقل شك فى أن ما اتخذه من إجراء يجعله مرتدا عن الدين الإسلامى

الجواب

اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أولا أن ما حصل من الشخص المذكور ارتداد عن الدين الإسلامى.

ثانيا أنه لابد فى توبة المرتد وعودته إلى الإسلام من تبرئه من الدين الذى انتقل إليه وهل يشترط مع هذا إتيانه الشهادتين ذهب كثير من فقهاء الحنفية إلى أنه لا بد من الاتيان أيضا بالشهادتين.

وذهب آخرون إلى أنه يكفى التبرؤ من الدين الذى انتقل إليه فى عودته إلى الإسلام وما جاء فى الإشهاد الصادر منه بتاريخ ١٧ مايو سنة ١٩٣٨ إذا اعتبر تبرؤا من الدين الذى انتقل إليه فليس بظاهر أنه يعتبر إتيانه بالشهادتين أيضا وعلى هذا ينبغى أن يعمل اشهاد آخر يتضمن إتيانه بالشهادتين وتبرؤه من كل دين يخالف دين الإسلام خصوصا الدين الذى انتقل إليه وأن يجدد عقد زواجه بمن تزوج بها بعد الإتيان بما ذكر إن لم يكن حصل منه ذلك قبل الزواج وأن تصادقه زوجته فى اشهاد الإسلام على أنه إنما عقد عليها أو جدد عقده عليها بعد الإتيان بالشهادتين والتبرؤ من الدين الذى انتقل إليه وبذلك تزول كل شبهة فى عودته إلى الإسلام وفى صحة زواجه بمن تزوج بها.

ثالثا قد جاء فى البدائع ص ١٣٢ ما نصه (ولو تزوج المرتد مسلمة فولدت له غلاما أو وطئ أمة مسلمة فولدت له ولدا فهو مسلم تبعا للأم ويرث أباه لثبوت النسب) انتهى وهذا النص يفيد أن مراد الفقهاء أن زواج المرتد بأية امرأة مسلمة كانت أو غير مسلمة باطل معناه أنه غير صحيح ولا يعنون من الباطل هنا ما قابل الصحيح والفاسد بل يريدون به أنه غير صحيح لأنهم لو عنوا ما قابل الفاسد أيضا لم يثبت النسب وهذا النص أيضا يفيد أن قول الفقهاء (إنه لو تزوج كافر مسلمة فولدت منه لا يثبت النسب منه ولا تجب العدة لأنه نكاح باطل فالوطء فيه زنا لا يثبت به النسب بخلاف الفاسد فإنه وطء بشبهة يثبت به النسب ولذا تكون بالفاسد فراشا لا بالباطل) يراجع الدر المختار ورد المحتار - محمول على الكافر الأصلى ولعلهم لم يجعلوا حكم زواج المرتد بالمسلمة كحكم زواج الكافر غير المرتد بالمسلمة من البطلان بل جعلوا زواجه فاسدا حتى يثبت النسب فيه لقولهم إن المرتد فى حق الإحكام مسلم من وجه كافر من وجه وبنوا على ذلك بعض الأحكام كما جاء فى المحيط ولذلك جعلوا الولد الذى يأتى من مرتد إذا جاءت امرأته الكتابية بهذا الولد لستة أشهر فأكثر من وقت ردة أبيه مرتدا تبعا لابيه ولم يجعلوه تابعا لوالدته الكتابية لأن المرتد أقرب إلى الإسلام لما ذكرنا ولأنه لما كان الحكم فيه الجبر على الإسلام كان مظنة رجوعه إلى الدين الإسلامى فكان من هذا الوجه أقرب إلى الإسلام وإذا كان أقرب إلى الإسلام كان عقد زواجه وهو مرتد بالمسلمة فاسدا لا باطلا بخلاف الكافر غير المرتد.

ونتيجة ما ذكرنا أن هذا الشخص سواء قلنا إنه صار مسلما بما جاء فى الإشهاد أو بقى على ردته فأولاده يثبت نسبهم منه وهم مسلمون إما تبعا لوالدهم أو تبعا لأمهم المسلمة رابعا إذا توفى والده فى المدة بين عقد زواجه بالمسيحية وبين الإشهاد الشرعى الحاصل فى ١٧ مايو سنة ١٩٣٨ لا يرث من والده لأنه بما صدر منه مرتد ولا يصير مسلما إلا إذا أسلم وتاب مما صدر منه على الوجه الذى أسلفناه والمرتد لا يرث من والده ولا من غيره إذا توفى المتوفى وهو مرتد وما جاء فى الإشهاد على فرض أنه إسلام وتوبة لا يجعله مسلما حين وفاة والده بل إنما يجعله مسلما على فرض أنه إسلام وتوبة من وقت صدروه وبذلك علم الجواب عن جميع ما طلبت الإجابة عنه والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>