للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوقف الخيرى المعلق على الموت]

المفتي

أحمد هريدى.

١٦ أغسطس ١٩٦٦ م

المبادئ

١ - تعليق الوقف على الموت جائز ويلزم بتحقق الشرط ويعتبر من الثلث كالوصية.

٢ - ذرية الشخص هم كل من ذر ونسل منه ذكرا وكان أو أنثى بعدت درجته أو قربت.

٣ - قرابة الشخص تشمل كل ما يجمعه مع الشخص أبعد أب له فى الإسلام من الرجال قريبا أو بعيدا محرما أو غير محرم وذلك عند أبى يوسف ومحمد، وتشمل كل ذى رحم محرم من الشخص ويقدم الأقرب فالأقرب، وتفضل قرابة الأب على قرابة الأم وذلك عند أبى حنيفة.

٤ - لا تشمل القرابة الأبوين ولا ولد الصلب لأن كلا منهم أقرب من أن يقال له قرابة.

٥ - كفاية الشخص تشمل كفايته ومن يعول من الأولاد وغيرهم.

٦ - عيال الشخص كل من يكون فى نفقته.

فتدخل فيهم آمرأته وولده وكل من يكون فى نفقته من ذوى رحم محرم منه أو من غيره، والحشم بمنزلة العيال ولا يشترط فى المعال أن تكون نفقته واجبة على العائل له لأن المعيار هو قيامه بالإنفاق عليهم.

م٧ - لأهل الوقف ولكل مسلم أن يطالب بعزل الناظر - بعد إذنه بالمخاصمة من المحكمة المختصة - متى قامت الأسباب التى تدعو لذلك

السؤال

من السيد / فجحان هلال المطيرى كويت.

بلاد العرب بالطلب المقيد برقم ٤٦٠ ١٩٦٦ والمرافق به الصورة الشمسية من كتاب الوقف، وقد تضمن الطلب أن والده قد أنشأ وقفا خيريا على جهات بر عينها وأن من الجهات التى عينها المساجد، وأن الدولة هناك تقوم بالإنفاق على المساجد بجميع ما يلزمها، وأن أولاد الواقف وذريته أولى بهذا الوقف - وأن الواقف قد توفى ويتولى النظر عليه الآن أحد أبنائه، وأن بعض الأقارب يطالبون بعزله، ويطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما يأتى: ١ - معنى الأقارب وحدود درجاتهم وحقهم فى طلب عزل ناظر الوقف والاستفادة من ريع الوقف.

٢ - معنى الأرحام وحدود درجاتهم وحقهم فى الاستفادة من ريع الوقف.

٣ - مدى إمكان حل هذا الوقف كله أو بعضه وتوزيع الموقوف على أولاد الواقف الفقراء.

وتضمنت صورة كتبا الوقف المقدمة أن هلال بن فجحان أشهد على نفسه إشهادا شرعيا لدى المحكمة الكلية للأحوال الشخصية بالكويت فى ١٧ من شوال سنة ١٣٥٥ هجرية برقم ٢٦٤ أنه متى نزل به حدث الموت - الذى لابد منه - أن يكون المنزل الكبيرة الكائن فى بومباى المسمى مزكام والبيت الكائن فى البحرين المشترى من يوسف كانون وقفا بعد موته من الثلث تصرف غلات البيتين المذكورين فى وجوه الخيرات والمبرات من إطعام جائع وكسوة عار من يتيم وفقير ومسكين وأرملة وتعمير بيوت الله تعالى، وكلما يرى من وجوه الخيرات والمبرات.

وأمر بأن يكون ممن يقوم بالصدقة عليه من غلات هذا الوقف أقاربه وأرحامه المحتاجون.

ومتى افتقر أحد من ذرية الواقف فهو الأحق بالإنفاق عليه منها يعطى كفاية سنة فسنة - تصرف واردات هذا الوقف فى مصارفه المذكورة، بعد أن تقام منها عمارة البيتين ومصالحهما من بناء وغيره مما يضمن دوام غلاته وحبسها بعد موته لا يغير عن حاله ولا يبدل عن سبيله قائما على أصوله محفوظا على شروطه حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، فمن سعى فى تغييره وتبديله الله سائله وولى الانتقام منه وشرط الواقف أن يعطى حمد الناصر من إيراد الوقف ثلاثين روبية شهريا وأن يعطى كذلك جميع المصاريف التى ينفقها فى الذهاب والإياب للتعمير والإصلاح وتحصيل الإيراد.

وشرط أن يتولى هذا الوقف حمد الناصر وخالد المخلد ثم من بعدهما الصالح من أولاد الواقف ثم الصالح من أولاد أولاده ثم الصالح من المسلمين

الجواب

ظاهر من الاطلاع على كتاب الوقف ونصوصه التى لخصناها فى الوقائع أن هلال ابن فجحان أشهد أمام المحكمة أنه إذا مات يكون البيتان المبينان بكتاب الوقف وقفا على جهات البر والخير التى بينها، والوقف على هذا النحو وقف معلق على موت الواقف.

وتعليق الوقف على موت الواقف جائز فى مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أحد أقوال ثلاثة عندهم، ونصوا على انه إذا تحقق الشرط المعلق عليهم وهو موت الواقف يكون الوقف لازما ويعتبر من الثلث كالوصية، وقد نص الواقف على تأبيد الوقف وبقائه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وحذر من التغيير والتبديل فيه، فلا شك إذن فى صحة هذا الوقف ولزومه شرعا - وبالنظر إلى مصارف هذا الوقف التى حددها الواقف يتبين أنها الفقراء والمساكين وتعمير بيوت الله تعالى - وخص الواقف الفقراء من أقاربه وأرحامه المحتاجين ومن يحتاج من ذريته بالذكر - ونص على إعطائهم الكفاية، ريع الوقف وغلته ثم عمم فى كل وجوه البر والخير فهو وقف خيرى لا استحقاق فيه لأحد إلا بعنوان أنه فقير ومحتاج يأخذ منه بقدر الكفاية لا على سبيل الاستحقاق بالمعنى المتعارف، وذرية الشخص كل من ذر ونسل منه ذكرا كان أو أنثى بعدت درجته أو قربت - وقرابة الشخص اختلف الفقهاء فى تحديدها وبيان من تشمله هذه الكلمة إذا وردت فى كتب الفقه أو الوصية ت فقيل إنها تشمل كل من يجمعه مع الشخص أبعد أب له فى الإسلام من الرجال، القريب والبعيد والمحرم وغيره فى ذلك سواء - وهذا رأى أبى يوسف ومحمد من أصحاب أبى حنيفة - وقيل انها تشمل كل ذى رحم محرم من الشخص ويقدم الأقرب فالأقرب وتفضل قرابة الأب على قرابة الأم وهذا قول أبى حنيفة، ولا تشمل القرابة الأبوين ولا ولد الصلب الاتفاق لأن كلا منهم أقرب من أن تقال له قرابة - واختلف هل تشمل الأجداد والجدات من قبيل الآباء والأمهات وإن علوا وأولاد الذكور والإناث وإن نزلوا أولا تشملهم جاء فى كتاب الإسعاف فى أحكام الأوقاف للطرابلسى (ان القرابة تتناول النافلة وإن نزلت والأجداد والجدات من قبل الآباء والأمهات وإن علوا وتتناول المحارم وغيرهم من أولاد الإناث وإن بعدوا وهذا عند الصاحبين وعند أبى حنيفة تقيد المحرمية والأقرب فالأقرب للاستحقاق،وليس ابن الابن والجد من القرابة عند أبى حنيفة وأبى يوسف فلا يدخلان وعند محمد منها فيدخلان، وقال القهستانى إن قول الإمام هو الصحيح - ونص ابن عابدين فى حاشية رد المحتار على الدر المختار على أنه عليه المتون فى كتاب الوصايا - والخلاف إنما هو إذا لم ينص الواقف على شئ معين وإلا فيتبع نصه اتفاقا - وطبقا لرأى الإمام يراد بالقرابة كل ذى رحم محرم من الشخص ويقدم الأقرب فالأقرب عند الإعطاء فى الاستحقاق - والأرحام مثل القرابة فى المعنى والشمول - جاء فى كتاب الإسعاف، والقرابة والأرحام والأنساب كل من يناسب الشخص إلى أقصى أب له فى الإسلام من قبل أبيه وإلى أقصى أب له فى الإسلام من جهة أمه ما خلا أبويه وولده لصلبه فإنهم لا يخلون فى ذلك، وفى الدر المختار شرح تنوير الأبصار (وقرابة الشخص وأرحامه وأنسابه إلى أقصى أب له فى الإسلام من قبل أبويه سوى أبويه وولده لصلبه فإنهم لا يسمون قرابة اتفاقا.

والمحتاج هو الفقير.

جاء فى هلال. وفى الخانية - أن الفقر هو الحاجة.

وأن الغير والمحتاج بمعنى واحد. والكفاية - تشمل كفاية الشخص وكفاية عياله ومن يعولهم.

جاء فى الخانية - رجل وقف ضيعة على رجل وشرط أن يعطى كفايته كل شهر وليس له عيال فصار له عيار فإنه يعطى له ولعياله كفايتهم لأن كفاية العيال من كفايته، وقال الخصاف.

إن عيال المرء هم كل من يكون فى نفقته فتدخل فيهم امرأته وولده وكل من يكون فى نفقته من ذى رحم محرم منهم أو من غير ذى رحم.

وقالوا إن الحشم الذين يعولهم بمنزلة العيال.

فلا يشترط إذن فى من يعوله أن تكون نفقته واجبة عليه.

وألا يكون زوجته ولا ولدا ولا قريبا وإنما العبرة بقيامه بالإنفاق عليهم.

والكفاية تختلف باختلاف الناس والبيئات فلكل محتاج كفاية مثله.

وفى ضوء ما ذكرنا نقول إن هذا الوقف لازم ومؤبد لا يجوز الرجوع فيه ولا إنهاؤه ولا حق لأولاد الواقف وذريته وأقاربه وأرحامه الأغنياء بالمعانى التى ذكرناها فى ريع هذا الوقف.

وأن الريع إنما هو لجهات البر والخير التى ذكرها الواقف، ومن جهات البر والخير التى تقدم فى الإعطاء الفقراء والمحتاجون بالمعنى المتقدم من أولاد الواقف وذريته وأقاربه يعطون متى كانوا فقراء قدر كفايتهم بمعنى الكفاية التى أوضحناها أى يعطى كل واحد منهم بقدر كفايته إن اتسع ريع الوقف لكفاية جميع الفقراء من الذرية والأقارب، وإلا فيبدأ بالأقرب فالأقرب فيعطى الأقرب قدر كفايته ثم الذى يليه وهكذا ثم جهات البر التى أشار إليها الواقف.

وما أثاره السائل من قيام الدولة بالصرف على المساجد بما يكفل عمارتها وصيانتها وإقامة الشعائر فيها على الوجه المطلوب شرعا، وأنه لم يكن لها حاجة إلى شئ من ريع الوقف هذا الذى أثاره السائل لا أثر له فى توزيع ريع الوقف وصرفه لأن الواقف لم يعين مسجدا أو نوعا من المساجد بالذات.

ولو كانت قد عين واستغنى المسجد المساجد المعينة عن حاجتها إلى ريع الوقف لما اثر ذلك، وإذ المقرر شرعا أن الريع يصرف فى هذه الحالة فى جهات البر والخير الأخرى التى أشار إليها الواقف.

بقى بعد ذلك ما يشير إليه السائل من حق الأقارب والأرحام فى المطالبة يعزل ناظر الوقف.

والمقرر شرعا - أن لأهل الوقف ولكل مسلم أن يطالب بعزل ناظر مثل هذا الوقف بعد أن يأذنه القاضى بمخاصمة الناظر.

وبعد أن تتوفر الدواعى لتلك المحاصمة.

ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>